كتاب سبر

صحوة الغفوة

إن كل الحضارات في العالم حتى المتخلفة منها مع مرور الزمن وتقدمه, تتقدم تلك الأمم وتتطور وتزيد انفتاحاً, إذ لم نسمع عن تراجع مجتمع حتى في دول العالم الثالث عن ماحققته من مكاسب اجتماعية وانفتاحية.


أما نحن بخصوصيتنا الزائفة فقد أبتلينا بما يسمى بالصحوة الدينية التي هي في الواقع غفوة وليست صحوة, أتت لتفرض فكر الأموات على الأحياء فحجب عن مجتمعنا النور وعم الظلام العقول والنفوس وقضت تلك الصحوة على كل مظاهر الانفتاح، ودمرت كل المكاسب الحضارية التي وصلنا لها .


حدثني أحد الأكاديميين في جامعة الملك سعود عن مظاهر التنوير التي كانت تعم أركان الجامعة قبل حوالي عشرين عاماً, وكيف كانت جامعة الملك سعود إحدى منارات التنوير في المملكة, حدثني بلهجة المتأسف على زمن النور, حدثني بأنه شاهد جميع أفلام المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين في سينما الجامعة, حدثني بأنه كان يلقي المحاضرات على الطالبات مباشرة دون الحاجة إلى الدوائر التلفزيونية.


بالفعل دهشت فأين كل هذا ؟!!! كيف تبخر النور ؟!!!.


يقول الفيلسوف والعالم الألماني الكبير (إيمانويل كانت) عن مفهوم التنوير بأنه : خروج الإنسان من قصوره الذي اقترفه في حق نفسه من خلال عدم استخدامه لعقله إلا بتوجيه من إنسان آخر, كما عرَّف القصور العقلي على أنه : التبعية للآخرين، وعدم القدرة على التفكير الشخصي أو السلوك في الحياة أو اتخاذ أي قرار بدون استشارة الشخص الوصي علينا.


ومشكلتنا مع الصحوة تكمن في التبعية والتي استغلت من رموز تلك الصحوة ليلبسوها لباس الدين لتكون مغلفة بطبقة قوية من المقدس, السينما حرام , الاختلاط حرام, كل شيء من حولنا حرام, ومن هنا تم ترويض المجتمع ليرى بأن كل ما يسطع منه نوراً محرماً ورجساً من عمل الشيطان .



فبالعودة إلى الوراء قليلاً سنجد بأننا كنا فيما سبق مجتمعاً متنوراً، ومجتمع فضيلة محب للحياة، ونابذاً للكره والحقد, فهل سننفض غبار صحوة الغفوة عن عقولنا لنرى النور؟؟.


كاتب سعودي