أقلامهم

فهد الخنة يكشف خمس قضايا حسمت الأمة موقفها منها.. بينما لاتزال التيارات الإسلامية تختلف حولها

د.فهد صالح الخنـة

{وما أرسلناك الا رحمة للعالمين}

الأمة مضت في طريقها نحو الحرية والعدالة والرفاهية ان شاء الله والاسلاميون والمحافظون يمثلون أكبر شريحة عدداً وأثراً في الأمة ومن يرد ان يواكب الأمة من الاسلاميين التقليديين وخاصة السلف والأخوان فعليه ان يطمئن الأمة في القضايا الجدلية التي ما زالت الجماعات الاسلامية مختلفة حولها بينما الأمة حسمت أمرها ومن لا يواكب الأمة في ذلك سيكون خلف الركب أو على قارعة الطريق والقضايا هي:

أولاً: الشورى الملزمة {وأمرهم شورى بينهم} {وشاورهم في الأمر} فمعلوم اختلاف الفقهاء في الشورى هل هي ملزمة أم معلمة فجمهور المتقدمين على أنها معلمة وجمهور المعاصرين على أنها ملزمة فمن يرد الدخول في العمل السياسي ونيل ثقة الأمة حالياً فعليه حسم أمره بأن الشورى ملزمة وان كان يرى أنها معلمة فلن تقبل به جموع الأمة لأنه بذلك يعيدها الى الديكتاتورية مرة أخرى ويلغي دور الأمة ويجعلها حسب مزاج الحاكم ورأيه وهو ما تعانيه الأمة حالياً من استبداد أغلب الحكام بالرأي وظلمهم للرعية.

ثانياً: التداول السلمي للسلطة: لأن الشعوب ذاقت الأمرين من تأبيد الحكام في مناصبهم فالشعوب تطالب في الدول الجمهورية بانتخابات رئاسية وبرلمانية دورية وفي الدول الملكية بالملكية الدستورية وبرلمان منتخب وفي كلتا الحالتين تشكل الحكومة الأغلبية البرلمانية سواء منفردة أو بائتلاف ومعلوم ان أسلوب اختيار الخليفة وأهل الحل والعقد اختلف حسب الظروف فأبو بكر بويع وعمر استُخلف ثم بويع وعثمان اخُتير من بين ستة مرشحين رضي الله عن الجميع فالأمة لها وضع الكيفية التي ترى فيها المصلحة العامة وتحقق مقاصدها في اختيار حكامها وأهل الحل والعقد فيها وعزلهم ومحاسبتهم والشروط الواجب توافرها في الناخب والمرشح.

ثالثاً: التسامح والتعايش السلمي في المجتمع سواء مع الأقليات العرقية أو المذهبية أو الدينية حتى يطمئن الجميع على حقوقهم في حرية العقيدة والعبادة مع مراعاة النظام العام {لا اكراه في الدين}.

رابعاً: بناء الدولة الدستورية ودولة المؤسسات: كل دول العالم أصبحت الآن تحكم بدساتير مكتوبة تنظم العلاقة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ومؤسسات الدولة وتبين حقوق المواطنين وواجباتهم وتضمن الحرية والعدالة وحقوق الانسان وتصون الحريات الشخصية وتنص على حقوق المواطنين في التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية المتعددة كحرية الصحافة ووسائل الاعلام وحرية الاجتماع والمسيرات وحق الاضراب والاعتصام وغيرها وتنص على ان السيادة للأمة وأنها مصدر السلطات وهي الشرعية الحقيقية وهي من تمنح الشرعية للحكام والبرلمانات والحكومات وليس العكس كما يحلو للظلمة ان يشيعوه من ان الشرعية للحاكم الظالم الغاصب وهو من يمنح الشرعية للأمة فهذا زمن ولى معهم واسأل الله ألا يعود مرة أخرى على العرب والمسلمين، والمسلمون يؤمنون ان سلطة الأمة وسيادتها لا تحلل ما أجمعت الأمة على تحريمه شرعاً ولا ما كان رأياً شاذاً يبيح ما حرمه الله ولا تنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة ويجب حتى نحافظ على هوية الأمة العربية والاسلامية ان تنص الدساتير على ان دولنا عربية ودينها الاسلام والشريعة المصدر الرئيسي للتشريع، قال الامام ابن القيم «ان الله سبحانه وتعالى أرسل رسله وأنزل كتبه، ليقوم الناس بالقسط، وهو العدل الذي قامت به الأرض والسموات، فاذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه، فثم وجه الله ودينه ورضاه وأمره».

خامساً: التعاون مع المنظمات العالمية والتعايش السلمي الدولي قال تعالى {يأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير} وكما يجب علينا ارسال رسالة أمان واطمئنان وأمل لامتنا فعلينا ان نرسل نفس الرسائل الى العالم فالعالم اليوم فيه مؤسسات دولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات حقوق الانسان ومنظمات العفو الدولية ومنظمات اقليمية كالاتحاد الأوروبي والمنظمات الافريقية والآسيوية والعالم الاسلامي والعربي وغيرها الكثير وهناك مواثيق دولية باحترام استقلال الدول الأخرى واحترام حقوق الانسان فعلينا ان نرسل رسالة الى العالم اننا سنكون عونا لهم في تحقيق السلم العالمي والتعايش السلمي بين شعوب الأرض والتعاون التجاري والثقافي والتواصل الحضاري مع تأكيدنا على المحافظة على هويتنا كأمة لها كيانها وثقافتها كحال باقي الأمم التي تعتز بهويتها وثقافتها وان الأمة لن تمثل أي خطر على أمن العالم ككل أو امن الدول المجاورة لامتنا والمحيطة بنا، ان العالم يخشى من الاسلاميين لأنه يسمع خطابا عدوانيا ويرى ممارسات ارهابية من الآخرين ولا يسمع صوت العقل والحكمة والاتزان الذي يمثل الاسلام الحقيقي الذي بعث فيه محمد صلى الله عليه وسلم ونشره سلفنا الصالح والذي فتح قلوب الأمم قبل أراضيها وبلدانها لذلك تحولت هذه الشعوب الى الاسلام بدلاً من محاربته كما تقتضيها طبائع الأمور والتاريخ والحاضر كل ذلك لأن سلفنا الصالح قدموا نموذجاً في الحكم العادل والأمان والأمانة والصدق والشورى فكان ذلك سببا في تقبل الأمم والشعوب لدين الفطرة قال تعالى {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين} وان رسالتنا الى امتنا هي اننا نريد ان نكون عوناً لكم لاقامة الحكم الرشيد العادل ويدنا بيدكم لضمان الحريات وحقوق الانسان ونبني معاً بلادنا لتحقيق الرفاهية وبسط الأمن والأمان وفق خطاب واضح كما أسلفت لتطمئن الأمة وشعوبها على مستقبلهم وحقوقهم وحرياتهم معنا، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بالحق لنشر الاسلام القائم على توحيد الله جل وعلا لا شريك له واتباع المصطفى عليه الصلاة والسلام وبتزكية النفس الانسانية واقامة الحكم العادل الرشيد ومحاربة الظلم والظالمين وحماية دين الأمة وصون دمائها وأعراضها وأموالها وعقولها، ان الاسلام الذي ندعو اليه ونبشر به هو الاسلام الذي يبعث الأمل في النفوس ويعلي من قيم الحق والعدل ويقوي جناب الأمة ومنعتها في وجه الظلم والظالمين والمستبدين ويحمي ثرواتها وأملاكها العامة من المفسدين، ان خطاب البعض في السابق كان مثار استهجان واستنكار الأمة وثبت خطؤه على الرغم من حسن النوايا والحماس غير المبرر الاّ ان الواقع وتطور الحياة وارتفاع مستوى التعليم والثقافة ورغبة الأمة في الحكم العادل الرشيد ورفضها لأنظمة الظلم والاستبداد وثورتها المباركة عليهم تجاوزت هذا الفكر والخطاب المختزل الذي يدعو الأمة للاستسلام لسياط الظالمين والجلادين والحمد لله اننا لم نكن ونسأل الله ألا نكون يوماً ممالئين للظلمة والمستبدين سواء بحسن نية أو بسوء نية وانني ادعو علماء الأمة والدعاة الى الله والساسة ورجال الدولة المحافظين والشباب الى توحيد الجهود ورص الصفوف للقيام بدورهم التاريخي في صون الدين والأمة وان نقدم نموذجا ايجابيا كأفراد وجماعات ننال به رضى ربنا ثم ثقة امتنا قال تعالى {وما أرسلناك الا رحمة للعالمين}.

والله المستعان.