أقلامهم

فاطمة حسين تشيد بقدرات وإنجازات السفيرة الأميركية ال15 لدى الكويت وتقول أنه يصعب ملء فراغها الإجتماعي

في وداع صديقة الكويت


فاطمة حسين


 


كلما قلت لنفسي بأنني قد اعتدت على مفاجآت الأخت نورية السداني جاءتني بجديد يبهرني، وما كان حفلها الذي أقامته في فندق الريجنسي في 2011/6/6 بعيداً عن ذات المدار أو المسار.
لقد كان حفل التوديع للسفيرة التي حملت الرقم خمسة عشر بين سفراء الولايات المتحدة الامريكية الى الكويت منذ الاستقلال.
اختارت نورية اليوم الألف الذي يمر على وجوها في الكويت لتحتفي بها وسط محبيها الذين حرصت طوال سنواتها الثلاث على توطيد علاقتها بهم وأثبتت أن سفير وطن الى وطن لا يعني التقوقع ضمن دائرة الاسلاك الشائكة المسماة بالسياسة بل هو سفير شعب الى شعب يقيم علاقاته مع الصغير قبل الكبير ومع الضعيف قبل القوي ومع الفقير قبل الغني ومع المحتاج قبل المكتفي.
قد يحيط خاصرته بالحبل الدبلوماسي ولكنه يترك للرأس والقلب والوجدان حرية الحركة وسط الناس يعرفهم ويعرفونه يشاركهم اللقمة كما يشاركهم الجوع يتقاسم معهم الفرحة والدمعة وهو بهذا المسار يصبح الضيف والمضيف.
قلت لها (أي السفيرة) في تلك الليلة سألوني عنك مرة وكيف أراك فقلت: هي امريكية بثوب كويتي وكويتية بثوب امريكي.
لقد كانت امسية بالغة الدفء، الجمع فيها مقطع عجيب وواقعي من النسيج الاجتماعي الكويتي من رجاله ونسائه ومؤسساته كذلك…
يستريح القوم وتتجه الأنظار نحو مسرح تعلوه شاشة ويبدأ الحفل بأصوات جماعية لنساء ورجال وأطفال يتساءلون من نحن؟؟ نحن مَنْ؟؟ بشر! بشر!!! دمنا واحد! حياتنا واحدة! مماتنا واحد! من التراب أتينا وإلى التراب نعود.
تضيء الشاشة بصور المستشفى الامريكي 1911 لنعرف تاريخه ونتعرف على اوائل أطبائه وطبيباته ايام الامير الراحل الشيخ مبارك الصباح رحمه الله.. ثم تتوالى صور الكويت تحكي سيرة وطن انتقل من بالغ الجفاف حتى طراوة التحضر بهبة من رب العالمين (النفط) وجهد مواطنيه ونشاطهم التجاري الذي سبق ذلك، حتى وصلنا الى عالم اليوم والاهمية القصوى للتنمية بجهود الشباب بعد تمكينهم بالعلم والعمل فنراهم في مشهد جميل يتسابقون في بناء هيكل لمدينة جميلة اسمها (مدينة الحرير) والتي صفق لها الحضور وتمنوا ان يغمضوا أعينهم ثم يفتحونها وقد تمّ تشييدها على هواهم وبتلك الألوان الزاهية.
لا شك أن أسعد الحضور كانت سعادة السفيرة ديبورا جونز التي لم تنس الإشارة الى (المجبوس) في خطابها معبرة عن استمتاعها به لكنها نسيت أو تناست ان تذكر بأنها كانت ترقص السامري في حفلات الأعراس الكويتية ترقصه بمحبة ومتعة.
ويبقى المشهد الأعظم تأثيراً لها ولنا هو تقدم المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة لتحيتها وتبادل الهدايا معها لأنها كانت دائمة الزيارة لهم.
لا أظن ان سفيراً أو سفيرة قد مرّ على الكويت ثم تركها ولم يترك (خرم إبره) – كما يقول اخوتنا المصريون لم تطأها قدمه إلا هذه السيدة التي أمضت سنواتها القليلة هنا تزور وتُزار حتى أنشأت شبكة رائعة من المعارف والاصدقاء من الصعب تجاوزها من اي من الاطراف وأظنها بهذا قد خلقت سابقة ستحاول الكثيرات ممن سيأتين بعدها تقليدها حتى لو لم يكن المنصب منصب سفير فإن زوجة السفير عادة هي سفيرة أيضا والبقاء في الظل لا يخدمها ولا يخدم زوجها ولا وطنها.
العزيزة ديبورا.. انت حقاً علامة فارقة ونموذج يستحق من يحتذيه، من يدري قد تكونين قد فتحت الفرع الاول من المدرسة الدبلوماسية الدولية هنا في الكويت التي أحبتك وأحببتها.
تحية حارة في جونا البارد الجميل للأخت نورية السداني ومجلسها الذي أبلى بلاء حسنا.