أقلامهم

فؤاد الهاشم يروي قصة رسالة من دمشق إلى الكويت في الثمانينات تحوي تهديداً مبطناً بتفخيخ مجلس الأمة

“لوسمحتم: ممكن نفخخ برلمانكم”؟!


فؤاد الهاشم


عندما سمعت – وقرأت – عن حكاية شبكة التجسس السورية في الكويت – قبل أيام –بمعية عناصر من حزب النصر الإلهي -«الذي أدار ظهره لإسرائيل وجاء إلينا»، رغم.. النفي الذي صدر من وزير الداخلية.. عاد شريط الذكريات الى دماغي ، وبالتحديد في شتاء يناير من عام 1986 الذي كان «ساخناً وملتهباً» بسبب الحرب العراقية – الإيرانية، والتفجيرات الداخلية للسفارات والمقاهي وغيرها، وقبل شهور قليلة – فقط – من ظهور الأمير الراحل الشيخ «جابر الأحمد» – رحمه الله – على شاشة التلفزيون وإصداره لأمر حل مجلس الأمة وتعليق العمل بالدستور.. و.. بقية القصة هذه تعرفونها أنتم!! المهم، أن أحد الأصدقاء من كبار موظفي وزارة الخارجية قام بتسريب صورة من رسالة رسمية وصلت إليهم من دمشق – إلينا في «الوطن» – وهي «طريفة ومدهشة ومذهلة، ومضحكة» – وتستطيع أن تقول عنها ما شئت الى ما لا نهاية وتحتوي على طلب.. عجيب!! كانت موجة دعم «صدام حسين» – حامي البوابة الشرقية – والسد المنيع ضد الفرس المجوس «الى آخر هذه المصطلحات» ملأت كل زوايا الشارع الكويتي من صحافة وبرلمان وجمعيات المجتمع المدني وشعراء وساسة وبرلمان.. الى آخره!
ذات يوم، وقف عدد من نواب ذلك الزمان وطالبوا بـ «قطع القروض والمساعدات حتى طرد سفيرهم واستدعاء سفيرنا».. عن «النظام السوري الذي يعادي بغداد وبطل العرب والمسلمين صدام حسين بن صبحة.. التكريتي»!!
– بعد هذه الضجة البرلمانية، وصل ذلك الخطاب.. «الطريف والمدهش والمذهل.. والمضحك» الى وزارة الخارجية الكويتية قادماً من .. دمشق!! كنت محتفظاً بنسخة منه في أحد أدراج مكاتب صالة التحرير في «الوطن»، لكن الغزو العراقي والحرس الجمهوري الذين ابتدؤوا أول عملياتهم ضد المؤسسات الصحافية باقتحام مبنى الجريدة وشحن كل ما بداخلها الى بغداد حتى انهم نزعوا الأرضيات البلاستيك، ومثلما «شلّحوا».. «الوطن-الجريدة»، شلحوا «الوطن – البلد»، أضاع مني نسخة الرسالة!! سأحاول كتابتها من الذاكرة – من المؤكد أنها موجودة في وزارة الخارجية حالياً – والتي تبدأ بالآتي:
.. السيد وكيل وزارة الخارجية المحترم
.. دولة الكويت
.. نرجو التكرم بالموافقة على تزويدنا بالخرائط الهندسية والمخططات «الكروكي» لمبنى مجلس الأمة الكويتي موضحاً عليها المداخل والمخارج، وتحديداً، مخارج ومداخل الطوارئ.
خالص الشكر والتقدير.
توقيع وكيل وزارة الخارجية السورية
«نسيت اسمه»
???
.. كانت رسالة تهديد مباشرة وعلنية ورسمية جاءت من النظام الحاكم مباشرة، والذي لم يعرف عنه انه.. «ديموقراطي، وتعددي، وليبرالي، يؤمن بالحوار المباشر بعيدا عن الضغوط والمساومات، ويقدس العلاقات العربية – العربية الاخوية»، ومعناها.. «بدكم تسكروا نيعكم، والا.. بنفخخ مبنى مجلس الامة كله، بمداخله ومخارجه الرئيسية وتبع.. الطوارئ والحريق.. كمان»!! لا اعرف ان كانت الحكومة الكويتية قد استجابت لطلبهم وارسلت اليهم بالمخططات الهندسية و«الكروكي» لمبنى مجلس الامة من.. عدمه، لكن.. الموضوع كان جديا ولم يكن مزحة، فالحرب لا تبعد عن حدودنا البحرية بأكثر من ستين كيلومترا، و«مطاطير الماء العسكرية» للجنود الايرانيين والعراقيين يجدها رواد شاليهات «الخيران» وقد قذفتها الامواج على الرمال الكويتية، والاسماك – بكل انواعها في ذلك الوقت من «زبيدي وهامور ونقرور» – شبعت من اكل لحوم وشحوم جنود «طهران وبغداد» الذين يتساقطون في معارك «البصرة» و«الفاو» لتسبح جثثهم مع التيار الى «جون الكويت» ولنشرب مياهنا «المقطرة» من ملح البحر.. ودماءهم!! ارسال شبكات تجسس وتخريب و«تفخيخ» تدخل ضمن خلايا الدماغ السوري والايراني، فإن لم يفعلوا ذلك، فهم ليسوا بسوريين ولا.. ايرانيين!! وفي هذا السياق يقول الشاعر الجاهلي الكبير:
«نهيتك ما انتهيت، والطبع فيك.. غالب
وديل الكلب لم ينعدل ولو حطوه في.. قالب»!!
.. آخر كلمة
.. الآن، سوف يقول النائب «فيصل الدويسان» – تعليقاً على ماسبق- «شنو.. فيها؟ ما فيها.. شي»! كلنا إخوان وأشقاء نتجسس على بعض، إسرائيل تتجسس على أمريكا»!!