أقلامهم

لا نريد التدخل في الشأن السوري، ولكن هناك ثورة على سلطة لا تعترف بالتعددية والديموقراطية.. هذا مايؤكده خليل علي حيدر

الطائفية.. وأحداث سوريا والبحرين


خليل علي حيدر


خطأ كبير، وتصرف سياسي مضر جدا، في ان يتعامل كثير من السنة والشيعة في الكويت، بمنطق المفاضلة والعناد، بين احداث البحرين واحداث سورية، فلا يرى السنة في صدامات البحرين سوى مؤامرة شيعية ايرانية صفوية للسيطرة على هذه المملكة العربية الشقيقة، ولا يرى الشيعة في كل ما يجري داخل المدن السورية سوى مؤامرة من قبل الاخوان والسلف ومتعصبي اهل السنة في التخلص من نظام يعد متعاطفا مع الشيعة وحزب الله، وحكومة رفضت طوال سنوات الحرب العراقية الايرانية ان تنساق للمخاوف الطائفية التي سادت المنطقة الخليجية والعربية بعد الثورة الايرانية.
لقد تحرك الشعب البحريني، الشيعة والسنة معا، من اجل الاصلاح ورفع المظالم والمزيد من الاصلاح، لا احد يختلف على هذه البداية والمنطلقات، وما من متابع للشأن البحريني الا ويدرك ان مشاكل البطالة والفساد والخدمات ومطالب العدالة الاجتماعية كانت تبرر كل المحاولات الديموقراطية والضغوط الشعبية لإصلاح الاوضاع، بل ابدت السلطة نفسها تفهما مخلصا لضرورة الاصلاحات وتغيير الاوضاع بالوسائل السلمية والشرعية، ولكن طرح بعض الشعارات الانقلابية والثورية ضد العائلة الحاكمة، والمناداة ببعض المطالب المذهبية السياسية، مثل الثورة الاسلامية وولاية الفقيه وغير ذلك، آثار مخاوف اهل السنة واصاب المحاولة الاصلاحية بالسكتة السياسية والتمزق، ورغم ان المحاولة التي وجدت تعاطفا سنيا واسعا كانت بقيادة الجماعات الشيعية، الا ان القيادات الشيعية لم تبذل للاسف الجهد المطلوب لإنقاذ المحاولة الاصلاحية الديموقراطية، ولعزل هذه الشعارات الطائفية التي كما قلنا مرارا، لا يُجمع الشيعة انفسهم بل ولا الايرانيون داخل الجمهورية الاسلامية عليها، وفي مقدمتها مبدأ «ولاية الفقيه».
وهكذا تحول الصراع الاصلاحي الى انقسام طائفي ومأزق سياسي يصعب الخروج منه بسهولة، وبالطبع، لن يحل مشاكل البحرين المزيد من العناد او الصراع المذهبي او تدخل الجيران! كما ان على الشيعة في البحرين وخارجها ان يفكروا بواقعية وتوازن حساب دقيق، ولمصلحة استمرار الاستقرار والتفاهم، هل المراد هو «العنب» كما يريد معظم الناس، ام «قتل الناطور»، كما يخطط بعض المتطرفين؟! الموقف السوري ينبغي ان يكون اشد وضوحا للشيعة. فالجميع يعرف ثقل سورية وأهميتها في المنطقة ودورها، وكذلك علاقاتها المتميزة مع ايران وحزب الله والتشيع عموما وكذلك الافتراض بان «المذهب العلوي» مذهب من مذاهب الاثنى عشرية الامامية.. الخ.
ولكن اذا كان الشيعة ينتقدون الاخوان المسلمين والسلف وعموم اهل السنة على تعاطفهم «الطائفي» في القضية البحرينية، فان عليهم ان يبتعدوا عن التعاطف الطائفي مع النظام السياسي في سورية، مهما كان استمراره مفيدا لهم!
ونحن لا نريد التدخل في الشأن السوري، ولكن هناك ثورة في بلد قائم على سلطة حزبية، لا تعترف بالتعددية السياسية والانتخابات الديموقراطية. وهناك شعب يقدم كل هذه التضحيات كل يوم وكل اسبوع، وهناك مظالم واضحة ومطالب مدوية وصرخات استغاثة، بل لقد عمد النظام نفسه الى الاعتراف بالمعارضة والاجتماع بها واطلاق الوعود بالتحول الديموقراطي والتغيير. فكيف يمكن للشيعة في الكويت او البحرين تجاهل هذا كله لمصالح طائفية؟ الا ينبغي للشيعة والسنة معا، ازاء مشكلتي الوضع في البحرين وسورية، ان يفكرا بشكل ديموقراطي دستوري انساني؟
ما الذي يستفيده المواطن الكويتي من تظاهره باحترام الديموقراطية والدستور واعلان حقوق الانسان، ان كان السنة والشيعة يفكرون بالقضايا الخليجية والعربية بما نرى للاسف، من منطق طائفي مسدود؟