أقلامهم

الظفيري يرد على الوشيحي في موضوع إبداع “البدون”

في رده على مقال ناشر سبر الزميل محمد الوشيحي الذي عاتب فيه أبناء “البدون” – عتاب محب – وطالبهم بعدم الانكفاء خلف جدران الحزن والتحليق عالياً في سماء الإبداع، مستنداً إلى المقولة المعروفة “محنة الأديب منحة الأدب”..


كتب الروائي ناصر الظفيري في جريدة الجريدة مقاله التالي:


الوشيحي وورطة البدون


الرسائل التي وصلتني من الأخوة البدون حول مقال الزميل الوشيحي عن آلامهم وأقلامهم ألقت على الرجل لوماً أشبه بالتهمة، وصنفته تصنيفاً لا يحمل شيئاً من العدالة، لكنها في الوقت نفسه حملت بعض الحقيقة وتجاهلت الكثير منها. لن أرد على قلم الوشيحي نيابة عنهم رغم شعوري بأن ذلك كان مطلباً ضمنياً يقف وراء سبب الرسائل التي أرسلت، ولكني سأرد عليهم في الجزء الثاني من المقال، أما الجزء الأول فهو ردي على الوشيحي.
بداية أقول إن الردود الكثيرة تدل على أهمية القلم الذي يكتب به الرجل مقالاته، والاعتراف الصريح بسلاسته وعمق تأثيره، ولكن ذلك لم يشفع لحقيقة عدم معرفة الرجل بأدب الشباب البدون وشيبهم أيضاً، وربما كتب الوشيحي مقاله على عجلة من أمره، وكان بإمكانه أن يتصل بسعدية مفرح أو علي المسعودي اللذين ذكرهما في المقال ليسطرا له جيشاً من الكتاب والشعراء وكتاب المسرح والدراما، فقبل ذلك بأيام اتصل الوشيحي يسأل عن علاقة إحسان عبدالقدوس بجمال عبدالناصر رداً على مقالة الزميل الروائي فؤاد قنديل، وهو أمر مشروع للكاتب في البحث عن مصادره. والمكالمة الدولية هناك كان بإمكانها أن تتحول الى مكالمة محلية هنا يسأل فيها الوشيحي عن مصادر معلوماته.
الأسماء التي نستطيع أن نسردها للأخ الوشيحي عديدة، ولن أقوم بسردها خشية أن تخونني الذاكرة، وأيضاً هي مهمته القادمة ليمتص غضب الأخوة البدون منه، وأيضاً لا أريد سردها لأنني لا أفضل ولا أتفق مع حكاية “النص المجاور” التي ابتدعها أستاذنا الدكتور سليمان الشطي، وإنما أنظر إليها كأسماء أدبية كويتية تشكل في مجملها مفاصل وسلاميات الحركة الأدبية في الكويت وما تحمله من جماليات فنية أو من أثلام حالة لا تنفصل عن حالة الأدب الكويتي بمجمله. قناعتي تلك مصدرها هو عجز أي بلد آخر غير الكويت عن أن يدعي بأن هذه الكتابات تمت له بصلة أو تنتمي إليه.
ختام ردي على الزميل الوشيحي، ويسعدني أنني أحد قرائه الدائمين، هو امنح نفسك فرصة بالاطلاع على أدب هؤلاء الشباب ولن تندم!
أما ردي على الأخوة الغاضبين من مقال الوشيحي فأقول لهم إن هناك جانباً كبيراً من الحقيقة ذكره الزميل الوشيحي في مقاله. فالألم والقلم صنوان يرتبطان ببعضهما ارتباطاً عظيماً، والحالة التي يعيشها الأخوة البدون هي حقل خصب للكثير من الإبداعات ليس الأدبية فحسب وإنما العلمية والاقتصادية والفكرية. إن الاستسلام واليأس الذي يدب في أركان مجاميع كبيرة من البدون يدعو الى أن أقف الى جانب ما ذكره الزميل، فلم يكن الفقر أو الحاجة يوماً عائقاً أمام الإبداع، وربما كان العكس هو الصحيح. وأيضاً ليس المجال هنا لأذكركم بكم كبير من القصص التي عاش أصحابها لا يجدون قوت يومهم، وتركوا لنا آثاراً أدبية وعلمية عظيمة. لا أعلم أن هناك قانوناً يمنع البدون من الاطلاع والقراءة، ولا أعلم أن تنمية الهوايات وتعزيزها تمنعه الحاجة المادية وإنما هو الطريق الأولى إلى سد تلك الحاجات. ولن ينكر الأخوة الغاضبون أن حياة الشباب البدون لا تختلف عن حياة الشباب الكويتيين في التطلع الى أمّنا الحكومة وما تمنحه.
وسأختم ببيت لشاعر ذكره الزميل الوشيحي ويحبه:
يومن ولد اللاش رزقه على أمه  رزقي على اللي ميت القشع يحييه