أقلامهم

حنان الهاجري: العنجري هو الرابح الأكبر باستقلاله عن كتلة العمل الوطني

العنجري.. الرابح الأكبر


حنان الهاجري


 


كما يقول ميلان كونديرا، فإن صراع الذاكرة ضد النسيان يترجمه صراع الإنسان ضد السلطة، ولكن هناك كثيرين يختارون دفن حيوية ذاكرتهم بابتلاع ترياق الغفلة لأسباب متعددة، كالبحث عن السلامة، واستثقال اتباع الحق، والبحث عن المصلحة الخاصة أو العامة، حسب تفسيرهم الضيق. ولأن التذكر والعمل على إحياء حس ما مضى، الى أن يتم الفصل فيه تمهيدا لتصنيفه تاريخيا او إحقاق العدل وإيصاله كاملا غير منتقص الى أهله، أمران لا يقدر عليهما الضعفاء، ويفر منهما المستضعفون بالعطايا وبالمنح أو بالاتفاقات ذات التبادل المصلحي المشترك، يعوّل العامة على أمل أن يبقى أمام الريح عدد ولو كان ضئيلا ممن يمتلكون ذاكرة فذة وقدرة على رؤية النور في نهاية النفق، دون أن تصاب أعينهم «بالزغللة»، أو أن يتم ملؤها بتراب المادة وقشور المصلحة المؤقتة. خلال دور الانعقاد الثالث للفصل التشريعي الأخير لمجلس الأمة، والذي افتتح في أكتوبر الماضي، مرت على الكويت أحداث غير عادية، بعضها كان تاريخياً بسبقه وخطورته، وبعضها كان صادما ومؤسفا في تطوراته وسقف تصعيده. وبينما علا شأن شخصيات، سقط شأن أخرى في حساب المواطن العادي المتابع لكل الجنون الذي حدث. خسر كثيرون، وربح كثيرون، والمعيار هنا غير موحّد، لأن الحدث غير تقليدي في زمن اختلط فيه نهار الحق المطرز بالشجاعة، بليل الفساد المبقع بالتخاذل. شخص واحد تبدل كثيرا وبدرجة أكبر من غيره، حسب ادعاء الكثيرين ممن يرون أنه استبدل ثوبه بآخر، ونهجه بآخر، واصطف مع جماعة جديدة منقلبا على نفسه لأسباب انتقامية نتيجة لتعرضه لظلم شخصي في ديسمبر الماضي. إنه النائب عبدالرحمن العنجري، الذي انفصل عن كتلة العمل الوطني وأعلن أنه سيد قراراته المبنية عن قناعات شخصية، كان وسيبقى. ما يختلف به العنجري المستقل عن العنجري التكتلي هو أن رصيد الحكومة لديه من الفرص قد انتهى. قد يكون ذلك حصل بشكل مباغت وصادم، ولكن لا يد له في ذلك. فانقلابه على الحكومة قد أتى بعد أن وقف أمام شراستها في ديسمبر وجها لوجه، فذابت ابتسامتها الباردة ووعودها المثلجة بأثر سخونة الحدث. أما انقلابه على الكتلة فأتى بعد أن بردت حماستها في مواجهة حكومة كانت تراها في يوم قريب عاجزة عن إدارة دولة. لا أدري عن حساباتكم ومساطر تقييمكم، ولكن اليوم في كتابي، عبدالرحمن العنجري بذاكرته التي لا تنسى وباستقلاليته التي لا تُجامل هو الرابح الأكبر.