هناك من يرى أن لا أحد ينصف المرأة إلا الشاعر الغزلي.. فهو من يتفنن ويبدع في تبجيلها؛ بالتغزل بوصفها البديع بدءًا من رنة خطوتها إلى لفحة شعرها.. فهو من يحلق بانحناءات جميلة كـ (انحناءات جسدها)، نعم.. هم أكثر من ينصف شكلها ومظهرها.. فأغلبية الشعراء الشعبيين لا يرون المرأة إلا من هذا المنطلق:الجمال وفقط، أي خارجياً.. كأنها تمثال لمتعة الناظرين..
فمن مثلهم يستغرب عليها إن نطقت مطالبة بحقوقها.. ويستنكر على أي شخص يقف بجانبها فيتهمه بالمحرض وهي بالتغريبية المقلدة للكفار، الذين يمتهنون كرامة المرأة: (بالمسح بشرفها بأعين المارة و المجتمع) .. فالمرأة جوهرة مصونة و (كعكة لذيذة مغطاة يستحق أن يأكلها رجل واحد بمتعة من جانب واحد) لا يهم إن كانت المرأة براحة و سعادة أم لا.. فهي عند رجل يفكر عنها ويقرر عنها لأنه أدرى بمصلحتها، فمن هي لتقرر لنفسها ومن أين لها عقل لتفكر!! فذلك الرجل أعلم بما يكنّه (الوحوش) من نوايا للمرأة: الطيبة، المغفلة، الفاقدة لعقلها “كما هو معروف”.. لذا هي غير مؤهلة للتفكير، و يستمرون بمناجاة المجتمع باللهجة القبلية العشائرية المغلفة بالدين الذي لم يعرفوه إلا من جانب متعتهم وما يلحقها.. فهم لم يترددوا عن الهجوم على أي امرأة تطالب بحقها الطبيعي كـ : إثبات وجودها.. أو البحث عن رزقها.. أو تقدير عقلها، صوتها، أفكارها، إبداعها، إنتاجها وجهودها و وإلخ .. فهم ما أن تنطق دميتهم الجميلة وتطالب بمكانة أكبر تليق بها بدأوا بتقطيعها..
فالشاعر الشعبي هو الوحيد من يرفض الجلوس بجانب شاعرة بأمسية، فهو يعتبر جلوسه بجانب امرأة مهانة أو بالأحرى هو لم يعترف بشاعريتها أساساً لكي تجلس بجانبه وتتساوى معها.. فليس من أخلاق مجتمعه هذا الفعل الدخيل؛ فهو يرفض وجودها بجانبه لعدة أسباب ومنها: عدم شاعريتها كونها كما أسلفت لا تمتلك عقلا لتفكر، إذن هي لا يمكن أن تبدع. وسبب آخر: هي مجرد آلة للمتعة الجنسية فقط، إن نشزت تلك الآلة عن أوامرهم اعتبروه عيب في التصنيع.. فهي لم يصنعوها هكذا.. بل صنعوها مغلفة بشكل جميل، تافهة.. سطحية، ذات حب استطلاع مطموس، فاقدة إلى الانفتاح والتطور، وأيضا هم حددوا لها هواياتها و اهتماماتها.. فأصبح جل اهتمامها: تزيين غلافها لهم بنهم وغباء لمتعتهم فقط.. ومتى ما أرادوا أيضاً.. فإن تمتعت امرأة ذلك المجتمع بكل تلك المواصفات أصبحت هي المهرة الجفول التي تستحق كل الغزل .. (فقط الغزل والطمس بعد ذلك)..
مشاعل الفيصل
@Negative87
أضف تعليق