سبر القوافي

دولة “الكتب.. الممنوعة”

أخذت بقعة سياسة المنع الفكري بالاتساع، وهنا ليس المقصود منها المنع من الشر وكفى، بل هي منع العقول من التنوير والشبع العلمي، ومن الغوص في مختلف بحور العلم والأدب بحرية، فالقارئ يريد التفرد والانطلاق دون الخوف من عصى الوصاية، التي حُطّت على العقول باختيار ما يسمح به من أدب وما لا يسمح به، كأنه منهج تعليمي مخفي، يهيئ العقل كما تحبه الدولة.. من المحزن أن نرى بالكويت منع 101 كتاب من إصدارات الدار العربية للعلوم هذا العام من معرض الكتاب الدولي، هذا العدد من الكتب منع من دار نشر واحدة فقط !!!
فقد حددوا أولياء أمر العقل ما يريدون لنا قراءته، وما لا يريدونه منعوه وكفى، ليس هناك شرح مقنع أو سبب واضح.. تعسف أدبي أخذ يتمرد في كل معرض كتاب، فأخذ يمنع هذا ويطفئ نور ذاك إلى أن عجت معارض الكويت بكتب الأطفال والطبخ، فمثل هذه الكتب ستمر بالمنخل (الرقابة الأدبية) طبعا.. دون اعتبار أو مرور بذائقة القارئ واختلافات ميوله، مع ذلك فقد أحزنت هذه القرارات باتساعها الكثير.
 سبق وأن تم إشعال الشموع من قبل عدد كبير من مثقفين الكويت؛ اعتصاماً على هذه السياسية المحتقرة للعقل البشري.. فالعقول تعي بأنها بحاجة للتمدد الثقافي والاتساع الفكري، وما يحدث هنا ليس إلا شمع أحمر على باب المعرفة.. فقد أخذ المثقف أساليب ملتوية؛ لإشباع نهمه الأدبي.. وهذا كاستطلاع أمر جميل للشخص، ولكن ليس للجميع وليس لبلد كالكويت، فإلى متى يهرب القارئ الكتب من أرجاء الوطن العربي، كأنه يهرب المشروبات الروحيه ؟!.. أصبح التضييق و رسم الأسوار على العقل ومعرفته واضحاً.. لم تعد الشموع تكفي للتعبير.
هناك ملايين الشموع باستطاعتنا إشعالها لتصل الرسالة، ولكن السؤال هل ستصل لهم أم أن هناك خطط جديدة لإقفال العقول، هل سيصبح معرض الكتاب محتلاً من قبل أهوائهم ومخاوفهم ومعتقداتهم!.. نخاف يوماً أن تصل بنا الأمور كما وصلت بمعرض الكتاب السعودي عندما تهافت (المطاوعة) أو ( أولياء العقل الانساني) بالنهي عن منكرات الثقافة، مما سبب الحزن ليس للشعب السعودي وحده بل للعربي كله.
نتمنى من عقول متفتحة و رزينة تقيس بأن ليس هناك ذوق أو نوع للأدب والثقافة، بل أن العلوم فضاء، والعقل يريد أن يسبح به من دون عائق أو حاجز.

مشاعل الفيصل
@Negative87