كشفت صحيفة «لندن ايفننج ستاندارد» البريطانية في تقرير لها عن الكثير من الأدلة التي تثبت وجود علاقة مباشرة بين الناشط سعيد الشهابي والنظام الإيراني. وبينت الصحيفة في تقرير لها أن هناك العديد من علامات الاستفهام التي تدور حول علاقة الشهابي، الذي التقى برئيس الوزراء البريطاني السابق جوردون براون وقام بزيارة إلى مجلس اللوردات البريطاني، بالنظام القمعي الإيراني.
وقال التقرير إن الخطابات التأييدية التي ألقاها الشهابي دعما للزعامات المتشددة في النظام الإيراني، إضافة إلى عمله لمدة 13 سنة في مكاتب مملوكة للحكومة الإيرانية التي لها مزاعم في البحرين تكشف بوضوح هذه العلاقة المباشرة.
وذكر التقرير على لسان مصدر رفيع المستوى في الحكومة البريطانية ان هناك العديد من المخاوف التي تدور حول الشهابي بسبب هذه العلاقة، ولكونه أحد الشخصيات المثيرة للاهتمام.
وبحسب التقرير، أكد باتريك ميرسير، عضو في البرلمان البريطاني وخبير في الشؤون الأمنية أن «روابط الشهابي مع نظام القمع الإيراني مقلقة للغاية ومثيرة للحرج إلى الذين اعتبروه إحدى الشخصيات الموثوقة والجديرة بالتعليق على ما يجري في البحرين»، في إشارة إلى تصريحات الشهابي التي نشرتها صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية وصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، وقيامه بعقد مؤتمر صحفي في مجلس اللوردات البريطاني طالب فيه بإسقاط الحكم في البحرين. وأوضح التقرير، ان تحقيقات أجريت قد كشفت عن أن المكاتب التي عمل فيها الشهابي لمدة 13 عاما وتقع بالقرب من شارع أولد ستريت هي مملوكة من قبل الحكومة الإيرانية.
وأضاف التقرير أن «عندما بدأ الشهابي العمل في التسعينيات ببريطانيا كانت الجهة المالكة لهذه المكاتب هي شركة برودروس المحدودة. وقد أظهرت السجلات أن عقارات شركة برودروس المحدودة تم تأجيرها على الحكومة الإيرانية وعلى أحد المسؤولين فيها وهو الدكتور علي حلمي، الملحق الثقافي لدى السفارة الإيرانية في لندن».
وأظهر التقرير أن الشهابي قام بالإشادة بالثورة الإيرانية خلال العديد من الخطابات التي ألقاها في مسجد «ميدا فال» الذي يتبع المرشد الروحي لإيران.
وأضاف التقرير مفصلاً «خلال إحدى المناسبات التي أقيمت في المسجد خلال شهر فبراير، اعتبر الشهابي أن الثورة الإيرانية المناهضة للديموقراطية هي (هدية إلهية)، حيث قال فجأةً أصبح المسلمون فخورين بهويتهم الإسلامية. اليوم بعد 32 عاماً منذ قيام الثورة في طهران، أصبح الإسلام مكونا أساسيا في العالم».
وكما أشار التقرير إلى تصريحات أدلى بها إلى وكالة أنباء باكستانية في عام 2009 يدعم فيها النظام النووي الإيراني، حيث قال: «يحاول الغرب بكل جهد لمنع إيران من الحصول على الطاقة النووية، وذلك بكل بساطة لأنها لا تريد أن تمتلك طهران تكنولوجيا متقدمة».
وكشف التقرير على أدلة أخرى تبيّن العلاقة المباشرة بين الشهابي والنظام الإيراني ومنها تسجيل العنوان التجاري لمكتبة في داخل مسجد «ميدا فال» يطلق عليها المركز الإسلامي في انكلترا على نفس عنوان إقامة الشهابي في ويليسدين.
معلومات عن المدعو سعيد الشهابي :
في مارس من عام 2001 أدلى سعيد عبدالنبي محمد الشهابي بتصريحات مهمة لإحدى الصحف العربية أكد فيها أنه سيرجع للبحرين في سياق المشاركة في الأجواء السياسية الايجابية في البحرين، وأضاف «إن عودته تأتي تعبيرًا عن دعمه للمشروع الإصلاحي الذي طرحه أمير البلاد، وتجديدًا لمشاعر الحب اتجاه الوطن الذي لم يطأ ترابه منذ 22 عاما، كما تأتي رغبة في المشاركة الايجابية لأبناء الشعب في ظل الأجواء السياسية الجديدة ودعما لإعادة البيت الداخلي على أسس متينة للمستقبل الديمقراطي وتكريس حقوق الإنسان»، كما أكد أن «هناك جدية في تطبيق المشروع الإصلاحي الذي طرحه الأمير وولي عهده، وهذا يتطلب السماح بقدر من الشفافية في طرح البرامج السياسية، والسماح بالحريات العامة وفي مقدمتها حرية الصحافة والتجمعات والممارسة الدينية»، أما في سبتمبر من عام 2010 فقد نشرت كافة وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية خبر نجاح الأجهزة الأمنية في البحرين في تفكيك شبكة تنظيمية سرية، وإحباط مخططاتها الإرهابية، التي تستهدف المساس بالأمن الوطني والإضرار باستقرار البلاد، وتقويض الوحدة الوطنية، والإساءة للنسيج الاجتماعي، بكل موروثاته الحضارية، والعمل على ديمومة العنف واستهداف الأبرياء وتخريب الممتلكات العامة والخاصة ، وأكدت الجهات المسؤولة أن المدعو سعيد الشهابي، وآخرين، وهو زعيم ما يسمى حركة أحرار البحرين الإسلامية، ومقرها ‘’ لندن ‘’ ، الداعية صراحة، إلى إسقاط وتغيير نظام الحكم بالقوة، وأي وسيلة أخرى، والتحريض على الكراهية، والقيام بأعمال الإرهاب والتخريب، قاموا بالتنسيق مع قيادات الشبكة في الداخل لتنفيذ تلك الأعمال المشينة والحض عليها .
وما بين 2001 و 2010 فارق كبير وبون شاسع يختصر رحلة طويلة من حال فقدان الهوية الوطنية التي شكلت أهم سمات سعيد الشهابي الشخصية والفكرية والسياسية، وللتعرف على مسببات وجذور الأزمة التي يعيشها الشهابي في علاقته المتوترة – إن لم تكن الجاحدة – بوطنه الأم –البحرين – يجب العودة إلى الوراء إلى ما يزيد على ربع قرن من الزمان وتحديدا في عام 1982 حين تأسست ما تسمى بحركة أحرار البحرين الإسلامية، وقد تناول د. فلاح عبدالله المديرس في عدة دراسات نشرتها مجلة الطليعة الكويتية في أغسطس 2002 هذه المرحلة والظروف التي نشأت فيها هذه الحركة وأهم توجهاتها الفكرية والسياسية والعقائدية، حيث أشار إلى أن تأسيس هذه الحركة جاء إثر محاصرة السلطة البحرينية للمراكز الاجتماعية مثل «جمعية التوعية الإسلامية» الوجهة الدينية «لحزب الدعوة الإسلامية» واعتقال عدد كبير من كوادر وأعضاء الحزب، وقد أدت هذه الأحداث إلى إجراء حوارات فيما بينهم وتوصلوا إلى ضرورة صياغة مشروع سياسي يختلف عما هو قائم وأن يكون التنظيم الجديد ذا طابع محلي وهوية إسلامية في الخارج يتولى التوجيه والإعلام، وفي هذا الصدد تذكر إحدى الدراسات أن المشروع السياسي الجديد، طرح نفسه للمتصدين داخل البحرين، على أساس تنظيمية «هرمية» و«سرية» ، طرحت فكرة حركة أحرار البحرين، على أنها مؤسسة تنظيمية لـ «خدمة» المجتمع من خلال رفع قضيته بصورة علنية أمام المحافل الدولية ومن خلال إقامة التحالفات السياسية والاجتماعية داخل البحرين وكان وراء تأسيس الحركة مجموعة من الطلاب الدارسين في بريطانيا، من أبرزهم سعيد الشهابي، ومنصور الجمري، وكانت هذه الحركة تعبر عن مواقفها السياسية من النظام السياسي في البحرين من خلال نشرتها الشهرية «صوت البحرين» والتي صدرت في لندن في يناير 1983 التي تعتبر النشرة المركزية للحركة وتتخذ الحركة من «حزب الدعوة» وهي حركة ثقافية تتبع خط الإمام الخميني أي الالتزام بنهج الإمام ومن بعده خامنئي حيث إنها تؤمن بولاية الفقيه، وتعارض نهج الشيرازي.
وكانت «حركة أحرار البحرين الإسلامية» تعتبر فيما سبق من التنظيمات السياسية التي لم تطالب بإسقاط نظام الأسرة الحاكمة بالبحرين، وكانت مطالبها المعلنة تتمحور حول عدة نقاط منه، العودة إلى الديمقراطية – إطلاق المعتقلين السياسيين – السماح للحريات العامة.
وكان التنظيم الرئيسي نفسه الذي قاد المظاهرات أثناء أحداث العنف في حقبة التسعينيات، واتخذت من لندن مركزا لها للدعاية والتحريض ضد النظام القائم في البحرين، وقد اتخذت الحركة في البداية موقفا رافضا للمشروع الإصلاحي المتمثل في «ميثاق العمل الوطني»، غير انه وبعد تطبيق حزمة من الإصلاحات والتغيرات السياسية والأمنية غير المسبوقة مثل إطلاق جميع المعتقلين السياسيين وعودة المبعدين السياسيين من الخارج وإلغاء قانون أمن الدولة والسماح لعدد من مؤسسات المجتمع المدني بالعمل من جديد والسماح بإنشاء جمعيات أهلية جديدة، عاد معظم زعماء الحركة إلى البحرين وشاركوا في مجمل العملية السياسية منذ 2001 وحتى الآن في العديد من المجالات منها المهام الرسمية والأنشطة السياسية والإعلامية وأنشطة منظمات المجتمع المدني، والأهم هو مشاركتهم ضمن القطاع الأوسع والأكبر في المعارضة في الحياة البرلمانية وتحديدا منذ انتخابات 2006، غير أن عام 2001 شكل نقطة تحول كبيرة في مسيرة حركة أحرار البحرين بشكل عام وفي نشاط سعيد الشهابي بشكل خاص وذلك بعد الفشل الذريع الذي منيت به رحلة عودته للبحرين وتيقنه من فقدان جزء كبير من حالة الزعامة والنفوذ التي كان يحظي بها في لندن، وقد كانت الهتافات ضده في أحد المساجد دليلاً واضحًا على تدهور دوره السياسي في مرحلة ما بعد الانفتاح نتيجة أسباب عديدة منها طغيان التيار الديني المعمم على التيارات المعارضة وتمثل هذا الأمر في بروز مرجعية الشيخ عيسى قاسم كأب روحي لجمعية الوفاق بعد تراجع الحالة الصحية لرجل الدين الراحل الشيخ عبدالأمير الجمري، وكذلك بروز صف ثان من رجال الدين الشباب الذي تحملوا جزءا كبيرا من أنشطة المعارضة في الداخل والخارج ومنهم الأمين العام لجمعية الوفاق حاليا الشيخ علي سلمان والشيخ حمزة الديري.
خلاف الشهابي والعلماء يوضح أطماعه الشخصية
أبان ابعاد الشيخ علي سلمان والشيخ حمزة الديري وحيدر الستري الى لندن في عام 1995, نشب خلاف بين حركة احرار البحرين والعلماء, وبدأ الخلاف حين طلب العلماء من حركة احرار البحرين اطلاعهم على كل ما تملكه الحركة من اموال وعقارات على اعتبار ان هذه الاموال والممتلكات لا تخص قادة الحركة وانما هي تخص شعب البحرين, حينها كشر الشهابي عن انيابه وكشف عن نواياه واطماعه الشخصية فرفض طلب العلماء, وصعد من خلافه معهم, بأن منع عنهم المخصصات المالية الشهرية التي كانت تصرف للشيخ حمزة الديري وحيدر الستري, والتي كانت تبلغ 300 جنية استرليني في الشهر.
يروي الشيخ الديري المعاناة التي تكبدوها نتيجة منع الشهابي للمخصصات الشهرية التي كانت تصرف لهم في كتاب «لجنة العريضة الشعبية في مسار النضال الوطني في البحرين» لمؤلفه علي ربيعة, انه بعد انقطاع المورد الشهري من حركة احرار البحرين, اضطر في بداية الامر الى العمل كموزع اعلانات لإحدى شركات البيتزا قبل ان يضطر للعمل كسائق تاكسي, ولم تختلف المعاناة بالنسبة للشيخين الاخرين, علي سلمان وحيدر الستري اللذين اضطرتهم الظروف للعمل من اجل اصلاح وضعهم المادي, وهو ما يكشف حقيقة ونوايا هذا الرجل الذي لا يتواني من التضحية بقناعاته – ان كانت حقيقية – في سبيل مصلحته الشخصية!!
لكن هذا الخلاف ظل حبيس الانفس, ففي 2001 واثر عودة الشهابي الى البحرين وأثناء الاجتماع التأسيسي الاول لجمعية الوفاق, انسحب الديري احتجاجا واعتراضا على تقلد الشهابي منصة الاجتماع, بصفته اول من غدر بالعلماء في الغربة, ولم يكن حريصا على القضية الوطنية, بقدر حرصه على مصالحه الشخصية والاتجار به وتجميع ثروة في لندن!!
ولكن هذه الصفعة لم تكن الاخيرة التي وجهت الى الشهابي وجعلته يعيد حساباته وينسحب من المشهد الوطني بخفي حنين, ففي مارس 2001 وبمناسبة رجوعه للبحرين القى الدكتور كلمة في مأتم الدراز حيا فيها شعب البحرين, وقبل ان يفرغ من كلمته واثناء اطلاق عبارته القائلة «ان كل مسلم وطني, وكل وطني مسلم في هذا البلد» انتزع الشيخ عيسي قاسم «المايكرفون» من يد الشهابي بطريقة لفتت انظار الجميع وبدأ الشيخ في التعبير عن احتجاجه واستنكاره لمساواة الدكتور بين المواطن والمسلم, ومما لا شك فيه ان هذه المداخلة كانت خارج الزمان والمكان كما وصفها علي ربيعة في كتابه «لجنة العريضة الشعبية في مسار النضال الوطني في البحرين», ولذلك لم يدم بقاء سعيد الشهابي طويلا في البحرين وقرر مرة أخرى المغادرة إلى لندن، الأمر الذي ينفي ما تعود الشهابي على تكراره وترديده دائما من أن عودته لندن مرة أخرى ارتبطت بالتعديلات الدستورية في فبراير 2002 تلك الذريعة التي اتخذها الشهابي بعد ذلك مبررا لكافة أعمال التحريض على العنف والتخريب والإرهاب، وانتهاج مسلك أكثر راديكالية وتشددا إزاء الحراك السياسي الحاصل في البحرين، بشكل تغيرت معه حركة أحرار البحرين تغيرا دراماتيكيا خطيرا، وأصبحت على أرض الواقع لا ترتبط بنفس تلك الحركة السياسية التي أنشئت في الثمانينيات إلا من خلال انتحال نفس المسمى فقط.
الشهابي ومجلة العالم
وهنا يشير باحثون وحقوقيون إلى أن حركة أحرار البحرين كانت في التسعينات ترفض إصدار بيانات مشتركة مع المعارضة لأنها تعتقد بأنها بيانات ذات لغة حادة وعنيفة، فكانت الحركة في ذلك الوقت ترفض إصدار بيانات مشتركة، وتغيرت الآن، وبحسب شهادة حسن شفيعي فإن حركة أحرار البحرين، التي كانت تقف أمام مطالب سياسية تعجيزية في التسعينات أكثر من قدرة البحرين في التحمل كانت تقف ضد هذا النوع من الخطابات، وكان من جملة الرافضين لذلك أيضاً هم شيوخ الدين الذين لجأوا إلى بريطانيا كالشيخ علي سلمان، وسيد حيدر الستري، والشيخ حمزة الديري، فقد كانوا يقفون أمام حركة أحرار البحرين تحت زعامة سعيد الشهابي في إصدار بيانات التي تضم التحريض وكانوا يحثون على نبذ العنف والكراهية ويحذرون من التصعيد السياسي، وكان منهم أيضاً منصور الجمري .
لقد كانت عودة الشهابي لتزعم المعارضة المتطرفة في لندن مرة أخرى حتمية سياسية وشخصية ليس فقط بسبب اقتناعه بعدم جدوى بقائه في البحرين مرة أخرى بل وإنما أيضا بسبب التدخلات الخارجية والأصابع الأجنبية التي كانت تحركه طيلة تاريخه السياسي بشكل مباشر وسافر، وهنا يشير حسن شفيعي في مقابلة تلفزيونية أجريت معه في أكتوبر 2009 بشكل صريح إلى تلك الجهات الخارجية التي تقف وراء دعم سعيد الشهابي، حيث قال إن الشهابي كان منذ بداية الثمانيات وفي أواخر السبعينات قد انخرط في مشاريع إيرانية، حين كان الإيرانيون يريدون أن يؤسسوا صحيفة ناطقة باللغة العربية وتأسست وهي مجلة العالم، فعينوا فيها سعيد الشهابي رئيساً لتحرير الصحيفة مرخصة من قبل وزارة الإعلام الإيراني، واستمرت المجلة وكانت تنتشر في العالم العربي، إلى بداية عام 2000 عندما أعاد الإيرانيون النظر في المجلة وخططوا لتحويلها إلى قناة فضائية، إذ ما عادت المجلة العربية المطبوعة تحقق الغرض بالنسبة لهم، ولكون سعيد الشهابي لا يملك خبرة في إدارة قناة فضائية انتقلت إدارة ( العالم ) إلى دولة أخرى .
يروي حسن موسي شفيعي حادثة له دلالاته الاكيدة في تورط الشهابي في التخابر مع دولة اجنبية ويقول “بداية المشروع الإصلاحي لجلالة الملك ذكرت لسعيد بأن النافذة الديمقراطية قد فتحت في البحرين، وأن الانسداد السياسي انتهى وهناك عفو شامل، وقلت له بأن يأتي إلى البحرين مع عودة الحياة النيابي والدستور كون أن هذه فرصة لتأسيس حياة عملية سياسية جديدة داخل البحرين، فنصحته بترك الجهات الأخرى فرد علي بأنه من الصعب أن يترك العمل مع الإيرانيين، فقلت له بأنه لايجوز أن يبقى في الخارج ويشوه سمعة البحرين الديمقراطية”.
علاقات غامضة
لم تقتصر علاقات سعيد الشهابي المتشابكة والغامضة خارج البحرين بما هو معلن من ارتباطه الوثيق بقناة العالم الإيرانية، بل إن التساؤلات كانت تطرح وبقوة حول ارتباطاتها بجهات أجنبية أخرى وتحديدا جهات بريطانية في ظل صمت السلطات هناك عن نشاط حركة أحرار البحرين المتطرف والتي تتخذ من لندن مقرا لها، بل إن بريطانيا لم تكتف في علاقاتها بالتنظيمات البحرينية الراديكالية المتواجدة على أراضيها، بالإبقاء على ما يعرف بحركة أحرار البحرين، التي ظلت متواجدة في لندن منذ عقود بل إنها تعمدت فتح الباب أمام الكثيرين الآخرين من المتورطين في قضايا الإرهاب بل وحتى من المتورطين في قضايا جنائية للوصول إلى بريطانيا ومنحهم حق اللجوء السياسي دون مبرر وإنشاء حركات وتنظيمات أخرى منها ما تسمى بحركة خلاص التي تدعو صراحة إلى استخدام العنف والإرهاب والقتل وتستخدم في بياناتها لغة خطاب متدنية يندر أن تستخدمها أي معارضة سياسية أخرى في العالم، كما وصل الأمر لدرجة قيام بريطانيا بتوظيف لاجئين سياسيين بحرينيين في مخابراتها وهو ما كشفت عنه صحف عربية – إيلاف والبيان – في 19 مارس 2008 نقلا عن مصادر بحرينية رفيعة حيث أكدت أن بريطانيا قامت بتوظيف عدد من اللاجئين السياسيين البحرينيين في مخابراتها، وذكرت ان لقاء وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بالسفير البريطاني لدى بلاده في تلك الفترة جاء على خلفية هذا الموضوع إلا أن اللقاء لم يتطرق إلى التوظيف واكتفى بالتأكيد أن هؤلاء اللاجئين غير المطلوبين في قضايا سياسية للبحرين يقومون باتصالات للتأثير على الأمن الداخلي للبلدين إضافة إلى تكرار تنقل بعضهم إلى دول في المنطقة مثل إيران ولبنان وخشية تورطهم في اتصالات أو ارتباطات غير مشروعة سياسيا أو أن يتخذوا من بريطانيا ملاذا لتشكيل خلايا تضر بأمن البحرين.
كما أكدت مصادر إعلامية أن معظم اللاجئين البحرينيين في بريطانيا يرتبطون بعلاقات وثيقة بالمخابرات البريطانية، ويعملون لحسابها مقابل قيام بريطانيا بمنحهم حق اللجوء إليها، وتوفير مساعدات لهم للإنفاق والحصول على سكن، وقالت إن هذه العلاقات الوثيقة بين اللاجئين البحرينيين والمخابرات البريطانية تفسر السهولة التي حصل بها هؤلاء الأشخاص على اللجوء حيث لم تمر طلباتهم بالإجراءات المعتادة بهذا الشأن.
ويشار هنا إلى أن المخابرات البريطانية تسعى دائما لاستغلال اللاجئين المقيمين فيها حيث تشير التقارير الأمنية الدولية إلى خبرتها في هذا الشأن، وكان الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة نقل استياء القيادة البحرينية من تصرفات الحكومة البريطانية لسفير المملكة المتحدة جيمس بودن، مؤكدا ان هؤلاء الأشخاص غير مطلوبين في قضايا سياسية ولا يوجد ما يحول دون عودتهم إلى الوطن في أي وقت.
وقال الوزير للسفير إن الأشخاص الذين منحتهم المملكة المتحدة حق اللجوء يقومون باتصالات للتأثير على الأمن الداخلي، مشيرا إلى انه قد يكون حصول هؤلاء على اللجوء بسبب عدم وضوح السياسة الرسمية بهذا الخصوص في الدوائر ذات العلاقة والتي استغلها البعض للحصول على هذا اللجوء.
ثروة طائلة
وهذا ما يفسر أسباب الثروة الطائلة التي يمتلكها الشهابي في لندن فقد أشارت عدة تقارير ومقالات إلى انه يملك بيتا كبيرا فخما يعيش فيه، يقدر سعره اليوم في السوق بثلاثة ملايين جنيه إسترليني، ولديه كذلك 13 شقة يقدر سعرها في السوق الحالي بنحو أكثر من 6 ملايين جنيه إسترليني، وكلها شقق مؤجرة، ويعود مبلغ إيجارها الشهري إلى جيبه الخاص، بالإضافة إلى مكاتبه الخاصة الواقعة في مبنى (كرفتون) بشارع متفرع من (الإجوير رود) الشهير، ومكاتب الشهابي تحتل الطابق الخامس كاملا، وبه قاعة كبيرة للندوات والمبنى ملك لمؤسسة الأبرار الإسلامية، وهي تابعة للقنوات الفضائية الإيرانية التي تديرها السلطات الإيرانية من طهران!
ومبعث الغرابة ان ابنة سعيد الشهابي وهي الابنة الوحيدة للدكتور, عادت الى البحرين في نهاية 2009 بعد زواجها من احد المواطنين وسكنت في ارقى واغلى مناطق البحرين وهي جزر امواج, وسرعان ما انظمت الابنة للعمل في معهد مصرفي بوظيفة محاضر, وخصص لها راتب شهري بلغ الـ 1400 دينار, وهي حاليا في لندن منذ شهر يوليو الماضي في اجازة وضع, ومن المقرر ان تعود الى البحرين بعد عيد الفطر المبارك, مع حفيد / حفيدة الدكتور سعيد الشهابي.
أما على صعيد التوجه الفكري والأيديولوجي لسعيد الشهابي، فإنه يعكس بوضوح حالة السياسي الانتهازي صاحب النزعة البرجماتية الواضحة، والتي تؤكدها علاقاته المالية والتمويلية مع أطراف إقليمية وأجنبية على صعيد دخله الشخصي أو على صعيد تمويل حركته المتطرفة في لندن، بل وأيضا على الصعيد الفكري الذي يتبناه سواء من خلال قناة العالم الإيرانية أو من خلال مقالاته التي تنشر بشكل دوري في صحيفة القدس العربي الصادرة من لندن وهنا يشير الكاتب سلمان حسين في معرض تعليقه على مقال سعيد الشهابي المنشور يوم 24/2/2009 تحت عنوان ‘إشكالية السيادة في غياب مشاريع الإصلاح’، إلى أن الادعاءات والأكاذيب التي يروجها الشهابي ليست بمستغربة لأنها صادرة من الأمين العام لما تسمى بـ ‘حركة أحرار البحرين الإسلامية’، ومقرها لندن، واسمها بالإنكليزية Bahrain Freedom Movement’ أي بدون كلمة ‘الإسلامية’، في محاولة لخداع البريطانيين الذين يعيش بين ظهرانيهم، والذين يبدو أنهم من ناحيتهم تقبلوا هذه الأكذوبة بصدر رحب.
لقد تحول سعيد الشهابي ومن خلال هذا النهج البرجماتي من جهة والمتطرف من جهة أخرى إلى ما يمكن اعتباره نقطة جذب مغناطيسية تضم أطياف كثيرة من المعارضة الراديكالية وتشمل مسميات لتنظيمات عديدة منها: «حركة حق» ، «حركة خلاص»، «تيار الوفاء»، «مركز البحرين لحقوق الإنسان»، فصحيح أن العلاقة بين هذه التنظيمات ليس علاقة هيكلية واحدة، لكنها علاقة تبادل مصالح وخطط وبرامج تجتمع وتهدف بالأساس إلى إسقاط الدولة عبر رفض الإطار الدستوري والقانوني الذي يمثل عمودها الفقري وعبر رفض الاعتراف بالبرلمان والمؤسسات الدستورية الأخرى، وهذا ما يدحض تصريح الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان الذي نشرته صحيفة محلية يوم 22/8/2010 والذي علق فيه على القبض على مجموعة إرهابية بالقول «نحن نعلم أن هذه المجموعة لا تتفق مع بعضها، وهم من ألوان مختلفة، فهؤلاء لا يستطيعون أن يجتمعوا في تنظيم واحد»، حيث إن التجربة العملية وما يجري على أرض الواقع من أحداث أثبتت أن تلك المجموعات التي تقف وراء التخريب والتحريض تتفق مع بعضها تمام الاتفاق حيث وحدهم هدف مشترك وأساسي وهو تسقيط الدولة ومؤسساتها الرسمية، الأمر الذي يفسر تلك الفزعة المتزامنة والتي انطلقت من كافة التنظيمات الراديكالية في وقت واحد من خلال البيانات والتصريحات الصادرة من العاصمة البريطانية والتي تسير في اتجاه واحد وهو مهاجمة الدولة والدفاع عن المخربين والمحرضين وإلباسهم لباس الضحية.
دعوات التحريض
في 24 من اغسطس الماضي نشر الشهابي مقال تحت عنوان «البعد الامريكي في الازمة البحرينية المتفاقمة» نشرها في صحيفة القدس العربي, ردا على مقابلة السفير الامريكي في البحرين والتي نشرتها احدى الصحف المحلية وقال فيها السفير «اذا كان لدى أفراد المعارضة مشكلة مع بلدهم ويهتمون ببلدهم، فمن الأفضل أن يبقوا فيه ويبحثوا عن طريقة لتصحيح الأمور في هذا البلد لا خارجه» وقد رد الشهابي على تصريحات ادم ايرلي بمقال اتسم بالتحريض قال فيه « ويمكن اعتبار الهجمة الامنية الاخيرة ضد النشطاء السياسيين والحقوقيين، انما جاءت بضوء اخضر من الجانب الامريكي مباشرة, وثمة دلائل عديدة لذلك: اولها التسريبات التي نسبت للسفير الامريكي في المنامة، آدم أيرلي، للعديد من النشطاء في اجتماعات خاصة في الشهور الاخيرة والتي مفادها ان هناك ضربة امنية قادمة ستقوم بها الحكومة ما لم تغير المعارضة مسارها»، ويواصل مقاله التحريضي على السفير ادم ايرلي فكتب قائلا «تصريح السفير الامريكي قبل اسبوعين، كان بعيدا عن اللباقة والدبلوماسية، الامر الذي أجج في نفوس الكثيرين مشاعر خيبة الأمل، واصبحوا، للمرة الاولى في التاريخ الحديث، يحملون الولايات المتحدة مسؤولية التداعي السريع في مجال حقوق الانسان، والتضييق الشديد على الحريات العامة».
مثل هذه الاحديث هي بمثابة رسالة لها مدلولات معينة غرضها ايصال رسالة الي اعضاء الخلية تأمرهم بالتحرك، وهو ما حدث فعلا، فبعد ثلاثة ايام من نشر مقالة اي في مساء 27 اغسطس، قامت مجموعة مكونة من 25 شخصا بأعمال عنف واشعال الاطارات علي على شارع الشيخ عيسي بن سلمان بالقرب من النادي الاهلي بمنطقة ابوغزالة، وهي المنطقة القريبة من السفارة الامريكية!!
وهنا نرجع لتصريحات حسن شفيعي مرة أخرى والتي أكد فيها أن سعيد الشهابي يهمه أن يكون الوضع في البحرين متوتراً، ولذلك يكوّن علاقات مع كل الجهات التي تتفق معه، هو قادر أيضاً على تحريض الآخرين ضد النظام، وقادر على أن يصنع من الآخرين مواقف وخطابات محرضة .
وهو ما أشار إليه سعيد الشهابي بنفسه عام 2002 حين علق على الانتخابات البرلمانية التي أجريت آنذاك حيث زعم أن البحرين أصيبت بانتكاسة سياسية كبيرة بإلغاء دستورها الشرعي، ولذلك أصبح مستقبلها أقل بريقا مما لاح قبل عامين، كما لم يستبعد أن يتجه العمل السياسي نحو العمل السرّي مجددا في ظل «الدستور الذي يقنّن الاستبداد ويمنع المشاركة الشعبية الحرة في صنع القرار السياسي» بحسب رأيه، إن فكرة العمل السري لم تبرح مخيلة سعيد الشهابي منذ قرر البقاء خارج الوطن لإدارة حروبه وصراعاته السياسية مع الدولة وحتى مع من يعارض توجهاته العنيفة، غير أن الظروف السياسية في البحرين وقدرة الأجهزة الأمنية على ضبط مثل هذه التنظيمات السرية لم تسمح للشهابي برؤية حلمه في إطلاق العمل السري، ولذا وجد فيما تعرف بحركة حق والتي تم الإعلان عن إطلاقها أواخر عام 2005 ضالته المنشودة، باعتبارها الحركة الأكثر تطرفا وتشددا داخل البحرين، وهي تضم ناشطين سياسيين لهم باع طويل في التحريض على الدولة وإثارة الكراهية والأحقاد بين مكونات المجتمع، لقد أصبحت العلاقة بين حركة أحرار البحرين في الخارج وحركة حق في الداخل أشبه بعلاقة الزواج الكاثوليكي، ولذلك فلم يكن من المستغرب تسخير سعيد الشهابي لجهوده وعلاقاته ببعض السياسيين البريطانيين في فتح قنوات اتصال بينهم وبين قيادات حركة حق الإرهابية وعلى رأسهم حسن مشيمع وعبدالجليل السنكيس، واستضافتهم أكثر من مرة فيما يعرف بالندوات التي تعقدها المعارضة في لندن، وكذلك تماهي سعيد الشهابي مع النهج المتطرف لحركة حق وشقيقتها الصغرى حركة الخلاص في تنظيم اعتصامات في لندن يتم فيها الإساءة والتهجم على رموز الدولة، بشكل افقدها تعاطف ليس الجمهور البحريني البسيط بل وحتى أطياف كثيرة من المعارضة في الداخل، غير أن سعيد الشهابي لم يأبه بكل العواقب الوخيمة التي ستنتج عن خطابه ونهجه المتطرف، وما قد يثيره من فتنة سيكون وقودها الناس والحجارة، طالما انه مستفيد من وضع التأزيم والتوتر وطالما أنه شخص أصبح بلا هوية وطنية، بعد أن مد جسور الولاء والانتماء لجهات وأوطان أخرى ليس من بينها وطنه البحرين.
أضف تعليق