عربي وعالمي

“النظام الأسدي” كان لاعباً فأصبح “ملعباً”

كانت سوريا، حتى هذا العام، لاعباً إقليمياً أساسياً ومهماً وبارعا، منذ خمسة أشهر، أصبحت “ملعباً” تتبادل القوى الإقليمية والدولية، رمي الكرات وتسجيل الأهداف عليه وفيه، في خمسة أشهر، عادت سوريا الى الوراء كما لم تعش ذلك، حتى في عزّ سلسلة الانقلابات العسكرية، كل التحركات التي تحدث، وجميع ردات الفعل التي يقوم بها “النظام الأسدي”.

كان يوجد لاعب ماهر جداً وبارد جداً في مواجهة أنهار الدماء التي كانت تسيل هو الرئيس حافظ الأسد، كان يريد ونجح في تحويل سوريا الى الرقم الأصعب خصوصاً بعد خروج مصر من المعادلة العربية، وتوحيد المسار والمصير بين لبنان وسوريا، طالما أنه من الصعب استعادة درة بلاد الشام الى الشام، ونجح في ذلك نجاحاً عظيماً.

الرئيس بشار الأسد، لا يفتقد إلى المهارة ولا البرودة، فقط تغير الزمن، ما كان مقبولاً أيام والده لم يعد مقبولاً حالياً، الأهم أن العالم وتحديداً واشنطن وباريس قبلتا به وتعاملتا معه ومع الكثير من طموحاته بايجابية.

 ثورات “الربيع العربي”، غيّرت المعادلات، فتحت أعين العالم على “النظام العربي”. سقوط زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي، صاغ معادلة جديدة لا يمكن الفكاك منها.

موقع سوريا الجيوستراتيجي، وكون التغيير فيها سواء كان سلبياً، بمعنى انتصار النظام وبقائه، أو ايجابياً يقوم على ولادة نظام ديموقراطي عماده كما يعرف العالم ذلك الحرية والكرامة للمواطن السوري وتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع، وهذا التغيير سيطال المنطقة بكاملها.

كون سوريا حلقة القطع والوصل في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وفي تشكل المحاور السياسية، فإن ذلك يعزز هذا الشرخ الواسع والعميق بين مختلف القوى منها، ما زالت قوى عديدة على رأسها روسيا وإيران ترى أن باب الحل ما زال ويجب أن يبقى مفتوحاً في وجه “النظام الأسدي”.

المشكلة في النظام وليس في حلفائه، مدى استعداده لتغيير “دفة سفينته” وهي في أعالي البحار كما يُقال يبدو صعباً. قبل أيام تجمع قوميون عرب لا يمكن الشك في إخلاصهم وشفافيتهم من وزن الرئيس سليم الحص وسامي شرف مدير مكتب جمال عبد الناصر وغيرهما وتدارسوا الوضع وخرجوا بقراءة للأحداث في سوريا، أبرز خلاصاتها ضرورة دخول “النظام الأسدي” في حوار جاد مع المعارضة بعد وقف الحل الأمني أو الأصح العسكري، جواب الرئيس بشار الأسد لـ”شيوخ القومية العربية”: ما زال الوقت باكراً لوقف الحل الأمني وبدء الحوار، المشكلة أن الأسد ما زال يعتقد أنه قادر على فرض الحل السياسي على مقاسه وليس على مقاس الشعب السوري وطموحاته.

“النظام الأسدي” نفسه أصبح وسط تنافس إيراني ـ تركي، بدلاً من أن يكون حليفاً للأول وشريكاً للثاني، رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان فقد الأمل من الرئيس الأسد، يقول علناً “الذي يأتي بالدم تأخذه الدماء”، وأمام بعض الزوّار العرب قال بالانكليزية: “Game is Over” “اللعبة انتهت” رداً على استعداده للحوار مع الأسد.

أما الرئيس أحمدي نجاد والإيرانيين معه فإنهم دخلوا كما يبدو مرحلة فتح الأبواب أمام احتمالات أخرى غير بقاء “النظام الأسدي” وبالتالي البدائل، جلسات الحوار الأولى مع المعارضة، بدا واضحاً منها أن طهران تريد الاطمئنان الى مستقبل علاقاتها مع دمشق ما بعد الأسد، تعرف طهران أن زمن التحالف الاستراتيجي سينتهي مع نهاية “النظام الأسدي”، المهم هل ستكون دمشق عضواً في محور آخر معادٍ لها أم أنها ستحافظ على نوع من العلاقات الخاصة، خصوصاً وأن تحرير الجولان سيبقى مسألة معلقة لا يمكن مواجهتها يومياً؟!.