أقلامهم

عبد الله العنزي:الكويت بلا أمن غذائي…تتصدر دول العالم المستهلك

الكويت بلا أمن غذائي

د.عبدالله زامل العنزي
أجمع الاقتصاديون في العالم كله ومن له رأي وعقل أن دولة الكويت تتصدر دول العالم المستهلك . أي أنها تعتمد في أغلب الأحيان على ما يزرعه وينتجه العالم من حولها ، وحين يصاب العالم بأزمة اقتصادية ، تكون الكويت في طليعة الدول المتضررة ، بل إن امتناع دول معينة عن إمداد الكويت بما تحتاجه من غذاء يؤدي إلى الإضرار بها ، ولن يستطيع بترول العالم كله أن يرفع عنها هذا الضرر ، والخلاصة أننا في دولة الكويت نعيش على غيرنا وما يقدمه لنا.
فإذا سلمنا بهذه الخلاصة واعترف أهل الإنصاف بها ووقف كل عاقل على حقيقة الأمر خرج بنتيجة لا ريب فيها ، وهي أن أي إضراب يتعلق بغذاء الشعوب ومنع الأقوات عنهم هو بمثابة قتل للشعوب وحكم بالموت عليهم ، ولو أن الإضراب يتعلق بالمضربين أنفسهم فأضربوا هم عن الطعام والشراب لكانت الفجيعة قليلة ، ولكن أن يمتنع أهل الاختصاص ومن بيدهم تيسير أمور الطعام والشراب وإيصاله إلى من يعيشون على هذه الأرض الطيبة .
فها هنا يكمن الخطر وتكون المشكلة ، والإضراب هو حق تعترف به الاتفاقيات الدولية وتكفلها الدساتير والحريات والحقوق النقابية وتنظمها القوانين ، وللموظفين حق الإضراب للدفاع عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية ولكن بعد استنفاد طرق التفاوض القانونية لتحقيق هذه المصالح، ولكن لو حصل إضراب فليجعلوا في الحسبان ألا يمنعوا إمدادات المواد الغذائية من مأكل ومشرب فهذه احتياجات أساسية لا يجوز لأي كان أن يقايض بها لحسابه أو لحساب أية جهة أخرى ، فلقد أصبحت بيوتنا فارغة من الخضروات والألبان .
والإضراب هو حق مكتسب ووسيلة سلمية للاحتجاج الحضاري وليست وسيلة عقاب جماعي ، وإذا كان لابد الإضراب فليكن ساعة أو ساعتين والقصد منه توصيل رسالة بشرط ألاّ يكون فيه ضرر على المجتمع ، وأن يراعي تعاليم الإسلام التي تحض على المحافظة على الأنفس وتأمين الطعام للناس ، لكننا فوجئنا بالمشادة بين جميع الأطراف متناسين حجم الضرر الواقع على الشعب في أبسط حقوقه.
وإن ما حدث في هذه الأيام القلائل يبرز ضعفا لم نكن نهتم به بل لم نكن ندركه ونخشى حدوثه ، وهو شبح النقص في المواد الغذائية ذات الصلاحية قصيرة الأمد ، فأمر حدث وعاشه الجميع وعانى منه الصغير قبل الكبير حتى الخدم علموا بهذا الإضراب وما حصل لنا ، ورب ضارة نافعة لتجعلنا نعيد حساباتنا ونسلط الأضواء على النواقص ، وهذا درس لابد أن نفهمه حتى لا نقع به مرة أخرى ، فلا خير في أمة تأكل من حصاد غيرها ، أين الهيئة العامة لشؤون الزراعة وما دورها؟ أين الجواخير بالآلاف ، مساحات أراضيها أكبر من سكن المواطنين؟ ماذا يوجد بها؟ أغنام أم استراحات ومتنـزهات !! فقليل منهم من يربي الأغنام وهذا من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع قيمتها .
أين الاستراتيجية في دعم الحكومة لهذه المؤسسات والثروات الزراعية والحيوانية والموارد الغذائية من الألبان واللحوم والخضروات؟
يا حكومة يا مجلس يا من أمَّنكم الشعب على أرواحه وأرواح من يعولون كونوا أهلا للأمانة وانتبهوا من الذي حصل ، ولا تتهاونوا ولا تجاملوا بحياة شعبكم وأمنه الغذائي .
فالعدادات والمؤشرات جميعها أضاءت إضاءات حمراء ، وهنا الحذر من الخطر والجميع يعلم بأن المنطقة تلتهب .
 إضراب أيام وظهرت مشاكل في المؤسسات والدوائر وكيف لو طالت المدة فماذا يكون مصيرنا ! فلماذا لا يكون لدينا اكتفاء ذاتي من الألبان والخضار واللحوم؟ لماذا لا تكون رقابة حازمة على المزارع والجواخير؟
أمن غذائي تزعزع في يومين !!
 بلد ثرواته تغطي نور الشمس ولكن أين تصرف؟!
لماذا لا تستثمر الحكومة بخبراتها باستهلاك كميات قليلة من المياه وبالتقنيات الحديثة وتزرع الأراضي وتبني المحميات لتؤمن احتياجات المواطنين ويكون ريعها لصندوق الدولة ، لماذا تكون حياتنا واحتياجاتنا متعلقة بتجار ومضاربين أو عديمي الخبرات؟
لماذا لا تنشئ الحكومة مزارع تربية مواشي وأبقار ودواجن تغطي الاحتياجات؟ في الدول المجاورة تجد أفراد عملوا كل هذا ألا نستطيع أن نعمل هذا ونحن دولة !!!
لماذا نحتاج للغير؟
ألا نستطيع أن نكتفي اكتفاء ذاتيا؟!
الغذاء هو مصدر الحياة فكيف بنا إذا قل أو شح؟!