أقلامهم

محمد الهرفي: بعد الربيع العربي…عروبة الخليج وأمنه إلى أين؟

عروبة الخليج وأمنه.. إلى أين؟

د. محمد علي الهرفي
ليس من شك في أن الخليج العربي يتعرض لأزمة حقيقية تستهدف أمنه وعروبته، وقد اتسعت هذه الأزمة كثيرا بعد أحداث «الربيع العربي» إذ إن هذه الأحداث سهلت لبعض دول الجوار التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول، بالإضافة إلى أن هذا «الربيع» قد لا يستثني أحدا ما دامت الظروف مواتية له وما دامت دول الخليج لم تتحرك بسرعة لتدارك أوضاعها وإصلاح ما فسد من شؤونها.
فقد أدركت جمعية الوسط الإسلامية في البحرين أن دول الخليج مهددة في أمنها وعروبتها فعقدت مؤتمر لمناقشة هذه القضية الخطيرة ودعت له مجموعة من المختصين من العالم العربي لمناقشة كافة الجوانب المتعلقة بأمن الخليج والبحث عن أفضل السبل للمحافظة على أمن دولها واستقرارها وعروبتها.
وقد أكد الباحثون أن عروبة الخليج مهددة، فالإحصاءات تؤكد أن نسبة الأجانب حوالي 38% من نسبة السكان، وأن نسبتهم في الامارات حوالي 90% وفي قطر 72% وفي البحرين وعمان 26% وفي الكويت 65% أما في السعودية فنسبتهم حوالي 30%، وهذا العدد الكبير يشكل تهديدا كبيرا على عروبة الخليج وثقافته وارتباطه بتاريخه، بالإضافة إلى تأثيره على الأمن والاقتصاد واستنزافه لموارد هذه الدول بشكل كبير.
ويزداد الخطر على الهوية العربية لدول الخليج عندما ندرك خطر انتشار المدارس الأجنبية على أطفالنا وشبابنا وتأثيرها المدمر على لغتهم وهويتهم وإسلامهم.
وإذا أضفنا إلى هذا الخطر تأثير العاملات الأجنبيات اللواتي تمتلئ بهن معظم بيوت الخليجيين على الأطفال أدركنا أننا نتعرض لغزو ثقافي كبير قد يصعب التخلص منه مستقبلا.
واتفق الباحثون على أن أمن الخليج في خطر كذلك، والمؤسف أن دول الخليج لم تقم بواجبها كاملا في حماية أوطانها وأبنائها مما يراد بهم وأوكلت هذه المهمة للولايات المتحدة
هناك تهديد ايراني متكرر لدول الخليج، وهناك تدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول الخليجية، هذا بالإضافة إلى الخطر الإسرائيلي والأميركي على هذه الدول وإن كان بأشكال متنوعة.
كان من المفترض أن تتوحد هذه الدول لكي تصبح قوية، لكنها لم تفعل، وكان من المفترض أن يكون لها جيش قوي واحد يحمي حدودها، لكنها لم تفعل أيضا، وكان ينبغي أن يكون لها سياسة واحده مع الدول الكبرى لكنها آثرت أن تكون متفرقة لكل واحدة منها علاقاتها الخاصة مع أميركا وغيرها، وبهذه السياسة أصبحت كلها ضعيفة تتطلع إلى قوي يحميها عند الأزمات لكن هذا القوي لن يفعل ذلك لوجه الله.
لكي يحمي الخليجيون أنفسهم لابد من عمل مشترك يجمعهم ويوحدهم وإذا أرادوا حماية عروبتهم فليعتزوا بلغتهم ويجعلوها لغة التعليم في مدارسهم وجامعاتهم.
الشكر لجمعية الوسط الإسلامية على مؤتمرها الجميل ولعل هذا النوع من المؤتمرات ينتشر في كل دولنا الخليجية ويحقق الأهداف المتوخاة منه ومنها: تحقيق العدالة لكل المواطنين على حد سواء ومحاربة الفساد بكل أنواعه وبناء جيش قوي يحمي البلاد والعباد والمحافظة على الهوية الوطنية والثقافية للمواطنين.
الخليج ليس بمنأى عن الأطماع الخارجية وما لم يتحرك أبناؤه وقادته لحمايته فقد يصيبهم ما أصاب غيرهم من التشتت والضياع.