عربي وعالمي

عنان: سوريا تشهد لحظة نادرة من الهدوء على الارض

اوقفت القوات السورية اطلاق النار يوم امس بعد بدء هدنة توسطت فيها الامم المتحدة وخيم هدوء حذر على بلدات معارضة تعرضت لقصف عنيف لكن المبعوث الدولي كوفي عنان واصل الضغط على دمشق لسحب قواتها بشكل كامل.
وقال عنان في بيان أمام مجلس الامن الدولي المنقسم بشأن الازمة السورية المستمرة منذ 13 شهرا “يبدو ان سوريا تشهد لحظة نادرة من الهدوء على الارض.”
ودعا الزعماء الغربيون -الذين يشاركون المعارضة السورية شكوكها بشأن مصداقية الرئيس السوري بشار الاسد- روسيا والصين للضغط من أجل حوار بين الاطراف المتناحرة في سوريا وفقا لخطة عنان المكونة من ست نقاط.
وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون “سيكون على الاسد ان يرحل ويجب ان يحصل الشعب السوري على فرصة لرسم مستقبله.”
“مع الوضع في الاعتبار سجل نظام الاسد من الوعود التي لم يتم الوفاء بها نحن نمضي قدما بحذر وهذا امر يمكن تفهم دواعيه.”
وقال عنان مرددا تقارير من نشطاء معارضين في بعض اكثر الاحياء التي اصابها الدمار في حمص وحماة وادلب “يبدو ان وقف القتال متماسك … هذا يؤدي الى ارتياح كان مطلوبا بشدة والى بث الامل لدى الشعب السوري الذي عانى كثيرا لفترة طويلة في هذا الصراع الوحشي.”
لكنه حث مجلس الامن على المطالبة بانسحاب عسكري كامل لدعم الهدنة الهشة للغاية وهو مطلب تتضمنه خطته للسلام والتي تدعو ايضا الى بدء حوار بين الحكومة والمعارضة يستهدف “عملية انتقال سياسي”.
وقال السفير السوري في الامم المتحدة بشار الجعفري ان دمشق استجابت بالفعل للدعوات الى سحب قواتها من البلدات والمدن. واضاف ان ثمانية انتهاكات وقعت صباح اليوم من جانب الجماعات المسلحة.
وذكر ناشط يدعى مصعب من مدينة حماة ان القوات ما زالت موجودة في المدينة.
وقال السفير الروسي بالامم المتحدة فيتالي تشوركين ان مجلس الامن قد يتبنى قرارا يسمح بنشر مراقبين من الامم المتحدة في سوريا ربما غدا الجمعة.
لكن نشر المراقبين غير المسلحين سيستغرق اياما بينما تدعو المعارضة الى احتجاجات واسعة يوم الجمعة في اختبار للهدنة.
وقال الامين العام للامم المتحدة بان جي مون انه يحث الاسد على الوفاء بوعده وايقاف اطلاق النار. وقال في مؤتمر صحفي في جنيف “على الحكومة السورية عبء اثبات ان كلامها سيكون مقرونا بأفعال هذه المرة.”
وقال تقرير لوسائل الاعلام الحكومية السورية ان قنبلة زرعها “ارهابيون” نسفت حافلة تابعة للجيش وقتلت ضابطا كبيرا في حلب بعد بدء الهدنة.
وذكرت وسائل الاعلام الحكومية ايضا أن قنبلة انفجرت مما ادى الى اصابة ضباط قرب ادلب بينما قتل عضو في الحزب الحاكم رميا بالرصاص في درعا بالجنوب.
وقالت المعارضة السورية في الخارج انه تم الوفاء جزئيا فقط بوقف اطلاق النار بسبب عدم انسحاب قوات الجيش من الشوارع وحث زعيم للمعارضة على استئناف احتجاجات الشوارع السلمية غدا الجمعة بعد ان انحسرت هذه الاحتجاجات مؤخرا بسبب الخوف. لكنه حذر من قد يشاركون في الاحتجاجات من احتمال ان تطلق القوات الحكومية النار عليهم.
وحثت وزارة الداخلية السورية المعارضة المسلحة على الاستسلام ووعدت باطلاق سراح من لم يشاركوا في اعمال قتل ودعت الاف اللاجئين الذين فروا الى خارج البلاد من مدن مثل حمص وحماة الى العودة الى ديارهم.
لكن الشوارع في المدن المتوترة ظلت خالية. وقالت متحدثة باسم المعارضة في الخارج ان ثلاثة اشخاص قتلوا في الصباح برصاص قوات الامن وان السلطات القت القبض على العشرات.
وتحظر سوريا دخول معظم وسائل الاعلام المستقلة مما يجعل التحقق من الانباء متعذرا.
وقال ناشط في حمص ثالث أكبر مدينة سورية عرف نفسه باسم أبو رامي بعد بدء سريان وقف اطلاق النار في الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي (0300 بتوقيت جرينتش) “كانت ليلة دامية.. كان هناك قصف عنيف على مدينة حمص لكن الوضع الان هاديء ولا يوجد اطلاق نار.”
وكانت الهجمات على أحياء تموج بالاضطرابات قد ازدادت حدة بعد موافقة الاسد على الجدول الزمني الذي وضعه عنان.
وساد الهدوء بعض أجزاء حمص لكن شوارعها كانت مهجورة وفر كثير من السكان بسبب العنف ولم يغامر كثيرون بالخروج من منازلهم صباح اليوم.
وقال ناشط في حمص “الدبابات والقناصة والجنود مازالوا موجودين هناك. لم يذهبوا الى أي مكان… الناس حذرون ويعتقدون أن وقف اطلاق النار مؤقت.. لا يغادر أحد منزله.”
واظهرت مقاطع فيديو صورت من بنايات متهدمة او من خلال ثقوب خلفتها قذائف الدبابات في الجدران جنودا سوريين وهم في حالة استرخاء.
وقال المتحدث باسم الحكومة السورية جهاد مقدسي – قبل حادث تفجير الحافلة – ان دمشق ملتزمة تماما بانجاح خطة عنان وان الحكومة لن تخرق وقف اطلاق النار اذا لم تتعرض لهجمات.
وعندما سئل عن دعوة تركيا لحلف شمال الاطلسي لحماية حدودها رفض الامين العام للامم المتحدة اي “عسكرة او عمليات عسكرية” وقال ان ذلك سيؤدي الى تدهور الموقف.
وقال برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري المعارض في المنفى لرويترز انه يتوقع خروج مظاهرات بعد صلاة الجمعة يوم الجمعة بعد ان تراجعت بسبب العنف في الاشهر الاخيرة. لكنه قال انه لا يثق في الحكومة المستعدة لاطلاق النار.
واضاف ان الشعب السوري سيخرج يوم الجمعة بأكبر اعداد ممكنة حتى يمكن للشعب السوري ان يعبر عن ارادته. ودعا الشعب السوري الى الخروج بأعداد كبيرة لكنه دعاهم في الوقت نفسه الى توخي الحذر لان النظام لن يحترم وقف اطلاق النار.
وقالت وزارة الداخلية ان الشرطة لن تسمح الا بالمظاهرات التي حصلت على اذن.
وقالت بسمة قضماني المتحدثة باسم المجلس الوطني السوري المعارض في جنيف انه حتى بدون مراقبين فان المقاطع المصورة وشهود العيان يؤكدون ان القوات السورية ما زالت متمركزة في وسط المدن. وقالت ان الاختبار الوحيد هو خروج الناس للتظاهر.
وتقدر الامم المتحدة أن قوات الاسد قتلت أكثر من تسعة الاف شخص على مدى العام المنصرم بينما تقول دمشق ان المعارضين قتلوا أكثر من 2600 من أفراد الجيش وقوات الامن.
لكن زعماء الغرب وكذلك كثيرين من السوريين يخشون تكرار العنف الذي شهده العراق وسط تنوع ديني وعرقي وطائفي في سوريا اذا لم يتم نقل السلطة بشكل سلمي ومنتظم.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون “حان الوقت كي نقول للروس والصينيين انظروا الى الرجل الذي تتعاملون معه وانظروا الى الطريقة المروعة التي يتصرف بها.
“علينا ان نعود الى الامم المتحدة لنزيد الضغط ونضيق الخناق.”