سبر القوافي

سامي القريني تحية الى ثوار سورية … “أنا حصادُ متاهات”

“أنا حصادُ متاهات”
 
 بدأتُ هذه القصيدةَ في درعا قبل اربعة أعوام، وأكملتها في دمشق وقرأتها في حمص وكسب
 
وإنني أحيي اليوم من خلالها جميع الثوار الأحرار في سورية العظيمة.

الشاعر الكويتي سامي القريني .

………………..
 
 
 الرِّيْحُ تَـحْمِلُ مِــــنْ دَرْعَـا إِلَــــــى كَسَبِ
 
مَا كُنْتُ أُخْفِيْهِ مِــــنْ شِعْرِيْ وَمِنْ أَدَبِي
 
 
قَــــــدْ كُنْتُ أَوْصَدْتُ بَابَ اللَّيْلِ مُتَّكِئاً
 
عَــلَــــى نُعَاسِــــيْ، عَلَى مَا فِيَّ مِنْ تَعَبِ
 
 
جُفُوْنِــــــــيَ اقْتَرَفَتْ أَحْلامَــهَـــا وَمَضَتْ
 
بِـــــــــــيْ نَحْـوَ عَيْنَيْ فَتَاةٍ قِيْلَ مِنْ حَلَبِ
 
 
وَقِيْلَ مِنْ حِمْصَ .. أَغْمَتْنِــــيْ أُنُوْثَتُهَا
 
وَالكُحْلُ إِذْ كَانَ مَسْبِيّاً عَلَـــــى الهُدُبِ
 
وَشَعْرُهَا كَــــــانَ أُوْرْكِسْتْرَا، وَكُنْتُ أَنَا
 
لَـحْناً يُلامِسُ سَــــهْـــواً شَالَهَا الذَّهَبِـــي
 
رَمَتْ حَقِيْبَتَهَا وَالقَـــلْــبُ يَـــرْقَبُــهَـــــا
 
فَلَمْ أُبَالِ، فَكَحَّتْ قُلْتُ : وَاعَجَبِــي !
 
غَمَزْتُ، فَاسْتَضْحَكَتْ يَالابْتِسَامَتِهَا
 
قَدْ أَيْقَظَتْ فِــــيَّ بُسْتَاناً مِـــــنَ العِنَبِ
 
 
وَفَجْأَةً حِيـْنَ لَـمَّتْنِـــــيْ ضَـــفَــائِـــرُهَــا
 
وَبَعْثَرَتْنِــــــيْ مَــــــــعَ الأَمْطَارِ وَالسُّحُبِ
 
تَرَكْتُ قَلْبِيْ عَلَى أَغْصَانِ دَمْـــعَتِــــهَــا
 
وَرُحْتُ أَبْحَثُ عَنْ بَيْتِيْ، وَوَجْـــهِ أَبِي
 
وَجَدْتُ صُوْرَتَهَا فِيْ مِعْطَفِيْ احْتَرَقَتْ
 
أَنَــــــا الـحَرِيْـــقُ وَنِيْرَانِـــــيْ بِـــلا لَهَبِ !
 
 
لَكِنْ، وَإِنْ غَابَ عَــــنْ عَيْنَيَّ أَخْضَرُهَا
 
حُضُوْرُهَا فِيْ صَمِيْمِيْ قَطُّ لَـــــمْ يَغِبِ
 
وَإِنَّــهَــا الرِّيْحُ، جَاءَتْ بِــيْ وَجِئْتُ بِهَا
 
حَتَّــــــــى وَصَلْنَا إِلَـــــى بَوَّابَـــــةِ الشُّهُبِ
 
بِصِحَّةِ الـمَجْدِ كَأْسِـــــــيْ اليَوْمَ أَرْفَعُهَا
 
وَأَشْـــرَبُ الوَحْـــيَ مِنْ أَقْدَاحِ أَلْفِ نَبِي
 
 
 
يَــــــا جِـــلَّـــقَ الشَّامِ كَيْفَ الآهُ أَحْبِسُهَا
 
إِنْ كُنْتُ أَمْشِيْ عَلَى سَاقَيـْنِ مِنْ عَتَبِ !
 
عَتْبٌ عَـــلَــــى أُمَّــةٍ مَــــا زِلْتُ أَذْكُـــــرُهَا
 
كَانَتْ تُسَمَّى قَدِيـْماً أُمَّــــــــــــــةَ العَرَبِ !
 
 
عَتْبٌ عَلَيْهَا فَكَمْ مَاتَتْ وَكَمْ هُزِمَـــتْ
 
عَتْبٌ عَلَى الشِّعْرِ، وَالتَّارِيْخِ، وَالكُتُبِ !
 
 
نَشْكُو مِنْ الـجُوْعِ أَمْ نَشْكُو مِنَ السَّغَبِ 
 
كُـــــــلُّ الـمَصَائِبِ أَدْمَتْنَا بِـــلا سَبَــــبِ !
 
أَطْفَالُنَا شُرِّدُوا فِــــيْ كُـــــــلِّ مُنْعَـــطَــــفٍ
 
وَسَيْفُ أُمَّتِنَا الـمَسْلُـوْلُ مِـــــنْ خَشَبِ !
 
 
فَـــهَـــلْ نُـــلامُ إِذَا مَــــــا الشِّعْرُ أَجَّجَنَا
 
وَأَمْطَرَ الـحَــرْفُ شَلاّلاً مِــــنَ الغَضَبِ ؟
 
كَلاّ، فَإنَّا نَذَرْنَا أَنْ نَـمُوْتَ عَــلَــــــى
 
رَمْلِ العُرُوْبَةِ، نُقْصِـــــيْ كُلَّ مُغْتَصِبِ
 
عَــــــنْ دَارِنَا، وَإِذَا مَا الرَّايَةُ ارْتَفَعَتْ
 
فَقُلْ بِــــكُـــلِّ افْتِخَـــارٍ : إِنَّنِـــيْ عَرَبِي
 
نَحْنُ الذِيْنَ زَرَعْنَا فِيْ التُّرَابِ دَمــــاً
 
وَأَرْجُلاً -فِيْ سَبِيْلِ النَّصْرِ- لِلرُّكَبِ
 
 
دِمَشْقُ يَـــــا مِهْرَجَانَ الذِّكْرَيَاتِ لَقَدْ
 
تَفَجَّرَ الشِّعْرُ حُزْناً، فَاعْــــــذُرِيْ شَغَبِي
 
أَنَـــــا حَصَادُ مَتَاهَـــــاتٍ فَأَيْـــنَ أَنَــــــا
 
أَنَــــا الـمُـــزَوَّرُ بِـــــالـمِيْـــلادِ وَالنَّسَــــبِ !
 
أَنَــــا الـمُضَاعُ بِأَرْضٍ لا تَدُوْرُ مَعِيْ
 
وَكُـــــلُّ شَــــــيْءٍ أَمَامِيْ شِبْهُ مُحْتَجِبِ
 
أَيْـــــنَ الـحَقِيْقَةُ دُلِّيْنِيْ عَلَى قَدَرِيْ
 
دِمَشْقُ، وَانْهَمِرِيْ فِيْ جَوْفِ مُكْتَئِبِ
 
دِمَشْقُ ضُمِّيْ فَتَىً قَدْ جَاءَ مُغْتَرِباً
 
فَإنَّنِـــــــــيْ فِــيْ بِـــلادِيْ جِـــدُّ مُغْتَرِبِ !
 
 
 
دمشق 2008/11/5