أقلامهم

تركي العازمي: في كل البلدان يسجن الكبار إلا عندنا؟ أين المنطق وتفعيل القانون الذي نبحث عنه ونكثر التنظير حوله؟

وجع الحروف / يسجن الكبار إلا عندنا…!
د. تركي العازمي
قرأت خبر صدور حكم بسجن الرئيس المنغولي السابق أربع سنوات بعد إدانته بالفساد واستغلال المنصب واخذتني الذكرى إلى أخبار مشابهة:
– استقالة الرئيس الألماني بسبب قضية فساد.
– استقالة رئيس الوزراء الإيطالي.
– استقالة وزير الدفاع السويدي بسبب فضيحة فساد.
– استقالة وزير النقل الياباني بسبب حادثة القطار.
– وفي السعودية تم إعفاء وزراء الخدمة والتجارة والحج والاقتصاد.
– وفي البحرين أعفي وزير الاسكان من منصبه.
وهكذا هي حال البلاد التي تبحث عن الإصلاح وفق مبدأ المحاسبة على قدر الحدث، ونحن هنا نتذكر هذا في الكويت التي لم تشهد إعفاء مسؤول كبير من منصبه على الرغم من أن الصحف اليومية تعج بقضايا كثيرة، ومن غير المعقول ألا يكون هناك متسبب يقف وراء كل هذه الأزمات التي تعصف بالبلاد… أمر غريب ومخالف للمنطق، فكل حدث له محرك وقد قالها نيوتن عالم الفيزياء «لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه»، وقانون الحركة لنيوتن هذا يدرّس في مناهجنا ولا يطبق في حياتنا العملية!
وقبل نيوتن يقول المولى عز شأنه في محكم تنزيله «وقفوهم إنهم مسؤولون»، والرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الشريف «لو أن فاطمة رضي الله عنها سرقت لقطعت يدها»، والحديث الآخر «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»!
إذاً نحن أمام قاعدة إسلامية صريحة توجب محاسبة كل مقصر، ولنا في الاستقالات والإعفاءات التي ذكرناها أعلاه موعظة لكننا لم نحترم القانون وأصبح النظام يحمي نفسه « The System protect itself»، والظاهر اننا لا نجيد القراءة ولا نستوعب تداعيات الأحداث لاننا في اساس تعاملاتنا نبني تصوراتنا من منظور شخصي بعيدا عن الحياد المطلوب اتباعه في الحكم على مجريات الأمور!
وهنا في الكويت، يقول النائب السابق مسلم البراك «… أقطاب الفساد بين سجان وطباخ وأتباعهما»، وقول عبدالحميد دشتي واصفا النائب السابق فلاح الصواغ «بغراب أرشد قومه للخراب»… وهناك تصنف الأمور بـــ «سوء استعمال هاتف»!… نحن أمام معضلة حقيقية: في كل البلدان يسجن الكبار إلا عندنا؟ أين المنطق وتفعيل القانون الذي نبحث عنه ونكثر التنظير حوله؟
والحديث عن جوانب الفساد والإفساد يطول لكن الانطباعات وفق الإفرازات تختلف عن التوقعات المنطقية لتسلسل الأمور وهو ما يشكل عدم رضا من قبل السواد الأعظم من الشعب الكويتي!
كل ما أتمناه أن نقرأ بتمعن ما ينشر، وأن يتم تشكيل لجان تبحث عن محركي الفتنة ومن يقف وراء محركيها، وأن نتابع أوجه الفساد ونحقق في جذور الفساد ومسؤوليه من كبار وصغار… فإن لم نستطع مجاراة الدول في طبيعة المحاسبة فلن نستطيع القضاء على الفساد ولن نتمكن من الخروج من الأزمات التي تعصف بنا بين الفينة والآخرى و… أما آن لأوجه الفاسد أن تتوقف وتتم محاسبتها «هذه هي غاية الرضا الاجتماعي والسياسي»… والله المستعان!