أقلامهم

محمد جوهر حيات: شكراً للربيع العربي فقد كشفت ثقافة (ازدواجية المعايير) التي تسود عالمنا العربي.

سوالف / تكرار ديموقراطيتنا الناقصة وشكراً للربيع العربي!
محمد جوهر حيات
يتسابق اليوم بعض الزملاء الصحافيين عبر أعمدتهم في توفير النصائح الانتخابية للمشاركين في اليوم الانتخابي، والبعض الآخر منهم يدعو إلى مقاطعة الانتخابات النيابية إما تذمراً من الأوضاع العامة في البلاد وإما اعتراضاً على تعديل نظام عدد الأصوات الذي أتى بتوقيت غير مواتٍ وملائم وخلق ظروفاً سياسية مبعثرة في البلاد خصوصاً بالأشهر القليلة الماضية، لا أود أن أعطي موضوع المقاطعة أو المشاركة أكبر من حجمه كونه أُشبع بحثاً وتداولاً وخلافاً وحديثاً بين المواطنين كافة، ولكن وفق رأيي المتواضع ليس من (الحكمة) أبداً إعادة خطوات تجربتنا الانتخابية لأكثر من أربعين عاماً، ونحن على يقين بأننا لن نُحسن الأوضاع في ظل هذا النظام شبه الديموقراطي الذي قيد تطلعاتنا وركنها في زاوية اختيار أفراد تشاركهم وتناصفهم حكومة في التشريع يتم اختيار أعضائها رغماً عنا وعن اختياراتنا كشعب الذي يفترض أنا نكون مصدر السلطات ولا صوت يعلو فوق صوتنا! وليس من الدهاء والذكاء الخوض في تجربة مكررة تقصد منها الإصلاح دائماً وأنت متأكد من نتائجها الفاشلة!
* * *
> بعد هبوب أحداث الربيع العربي السريعة التي ما زلنا نعيشها منذ أكثر من سنتين، أصبح واجباً علينا أن نشكر الربيع العربي على خدماته الجليلة والعظيمة التي قدمها لنا، ليس (شكراً) لإطاحته الطغاة أو زعزعة أنظمتهم المعتقة، وليس لإحيائه مسؤولية الشعوب العربية التي بفضل صمتها سابقاً عُـظِـمَ الطغاة وعُظمتْ أنظمتهم المستبدة والقاتلة والفاسدة، بل نشكر هذا الربيع الذي (كشف) لنا كم التناقضات المتأصلة في بلداننا العربية، فقد فضح لنا الربيع العربي أغلب العرب كأنظمة أو قوى سياسية أو كشعوب الذين يُفَصلون حقوق الإنسان في (التعبير والتظاهر وإبداء الرأي والتغيير) وفق المقاسات العرقية والمذهبية! وبيّـنَ لنا هذا الربيع، العرب الذين يحزنون لقتل إنسان أعزل في بقعة أرض وفي الوقت نفسه يساهمون ويفرحون في قتل إنسان أعزل آخر في بقعة أخرى! واستوضح الربيع العربي لنا معايير قبول أو رفض القوى السياسية العربية لحق الشعوب في الاعتراض مقترن بقربهم للسلطة، فإن كانوا خارجها أباحوا هذا الحق وإن كانوا بداخلها حرموا هذا الحق! 
شكراً للربيع العربي فقد كشفت ثقافة (ازدواجية المعايير) التي تسود عالمنا العربي والتي تعتبر الخادم الرئيسي والأول والدائم للطغاة وأنظمتهم البشعة والتي لابد أن تُحارب كما تُحارب وتُسقط أنظمة الطغيان كي ننعم بالأمان وننعم بك يا ربيع ونفرح ونزهو بأزهارك الملونة واليافعة!