أقلامهم

جاسم القضيبي: مزيج الرعب والغضب جعل قنوات الإعلام الخاص «لوردات الحرب السلمية».

كسر مجلس «الصبيان»!
الاسم: جاسم فيصل القضيبي
• أفرحني أن بعض من اعتمد الرشوة من المرشحين ضاع ماله وبقيت له الحسرة، مما يقطع الطريق على هيمنة بعض المتنفذين على المجلس.
الرعب والغضب هما النقيضان المتشابهان، فكلاهما يطفئ عقلك، بحبسه في مكان ضيق بزمن معين، لا يفكر بسواه، فيتجمّد العقل ويتعطّل الفهم والإدراك والمقارنة، ليصبح عديم الجدوى، فالرعب ينسيك حالك وواقعك، ويشغلك «بالمستقبل»، فلا تفكر حين يملأك الرعب إلا بكيف ستكون حالك في المستقبل الضيق لو تمكن منك ما يخاف منه، وخسرت ما تخشى خسارته، فمن يخاف الطيران لا يفكر إلا بلحظة السقوط، وان كان محلقا بأمان، فأنت لا تفكر في سلامتك الآن، بل في الموت الذي ينتظرك «في المستقبل» لحظة سقوط الطائرة، وأما الغضب فينسيك كل شيء إلا كيف تفرغ غضبك «الآن»، فلن تفكر بنتائج عملك ولا تبعاته بالمستقبل، وستظلم الدنيا حولك، فلا يدور حينها بذهنك إلا غضبك وسببه، ويبقى العقل حبيس هذه الدائرة الضيقة، الرعب والغضب كلاهما يُذهبان العقل، فيحبسه الرعب في المستقبل الضيق، والغضب يحبسه في الحاضر الضيق، ولكن الغريب انه رغم تضادهما وإشغالهما للعقل بأزمان مختلفة، فإنهما أفضل وسيلتين تقود الناس بهما إذا ما مزجتا جيداً.
لم تشهد الكويت في تاريخها مثل الصراع الحالي «وإن هدأ» بين الحكومة والمعارضة، لذلك فانقسام الشارع بين موافق ومخالف لم يكن له مثيل أيضاً، فبين غاضب من تطرّف الحراك، الى خائف من تبعاته بتزعزع الأمن والاستقرار طاشت عقول البعض، مزيج الرعب والغضب جعل قنوات الإعلام الخاص «لوردات الحرب السلمية»، فاستغلها بعض المتنفذين لتلميع «مندوبيهم» كمرشحين لمجلس الأمة، وتصويرهم انهم هم السواعد الوطنية التي ستدفع المعارضة الغاشمة، فتجدهم في كل قناة وكل «برنامج وترك»، وغزوا الصحف، فنجحوا في إيصال «الجاهل بذيء اللسان وتوأمته «الردّاحة» وغيرهم.
بعد إبطال المجلس السابق قرر هؤلاء المتنفذين إعادة التكتيك نفسه وتوسعة التجربة وزيادة العدد، بعد أن أغراهم النجاح السابق، فاستغلوا الآلة الإعلامية نفسها مرة أخرى لتلميع «المندوبين» القدامى والجدد، ودفعوا الأموال لشراء الذمم وتمرير معاملات كي يصل أكبر عدد من «مندوبيهم» إلى المجلس.
المجلس الحالي لم يعقد حتى جلسته الافتتاحية بعد، ولكن أفرحني أن كثيراً من هؤلاء رغم دوران «مغسلة» الإعلام بهم لم ينظف بأعين الناس كما حصل بانتخابات سابقة. فرحت أن بعض من دفع المال لشراء الذمم قد ضاع ماله وبقيت حسرته، فرحت أن شوكة المتنفذين قد كسرت ومساعيهم فشلت، فرحت أن جسد الأمة الذي فتك به «الرعب والغضب» بدأ يتعافى ويعود إليه رشده.
جاسم فيصل القضيبي