عربي وعالمي

علاء الأسواني يكتب: حوار بين ثوري وسيساوي

سرد الأديب والروائي علاء الأسواني تفاصيل حوار دار بين شاب ثوري وأحد مؤيدي الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وذكر في مقال نشره بموقع “دويتشه فيله” بعنوان “حوار بين ثوري وسيساوي”: “كانا يرتادان نفس المقهى، شاب في الثلاثين خريج اقتصاد ويعمل صحفياً تحت التمرين في جريدة حكومية ورجل جاوز الستين كان مديراً في وزارة التموين حتى أحيل للمعاش”.

وتابع: “كانت علاقتهما طيبة حتى تولى الرئيس السيسي الحكم فتناقشا بعنف وكادت المناقشة تتحول إلى مشاجرة لولا تدخل زبائن المقهى، بعد ذلك اقتصرت علاقتهما على السلام من بعيد، وبالأمس فوجئ الشاب بالشيخ يسحب كرسياً ويجلس بجواره وبعد عبارات الود المعتادة جرى بينهما الحوار التالي:-”

– باعتبارك خريج اقتصاد، عاوز أعرف رأيك في القرض اللي طلبته الحكومة من صندوق النقد الدولي.

– – خايف كلامي يزعلك ياحاج.

– تكلم كما تريد لكن إياك تنتقد الجيش، لولا جيشنا العظيم، خير أجناد الأرض، لكان مصيرنا مثل سوريا وليبيا.

– – أي مصري لازم يحب الجيش ويفخر به ولا يوجد بيت في مصر ليس فيه مجند أو ضابط، إنما حب الجيش لا يجب أن يستعمل من أجل ابتزاز كل من يعترض على سياسات السيسي.. ممكن أسألك سؤال؟
– تفضل.

– – هل الحكم في مصر عسكري أم مدني؟

– مدني طبعًا والرئيس السيسي انتخبناه بطريقة ديمقراطية.

– – إذا كان الحكم مدنيًا كما تقول فلماذا كلما وجهنا نقدًا للسيسي اتهمونا بالإساءة للجيش؟

– خلينا في صندوق النقد.

– – صندوق النقد الدولي عمره ما حل أزمة أي دولة، هو بيعطيها قروض بشروط تساعد الرأسمالية العالمية وتخليها تحت رحمتها، ومع كل قرض الأسعار حتزيد أكثر وأكثر، أنت ياحاج مبسوط من ارتفاع الأسعار؟

– لا طبعًا، المعاش ما بقاش يكفيني، الحياة بقت صعبة لكن نعمل إيه؟، لابد نتحمل حتى نجتاز عنق الزجاجة.

– – حكاية عنق الزجاجة أسمعها منذ أن كنت طفلاً، السيسي يحاول علاج الأزمة الاقتصادية على حساب الفقراء، لماذا لا تطبق ضرائب تصاعدية على الأغنياء ولماذا لا يتم ضم مليارات الصناديق الخاصة لميزانية الدولة ولماذا لا يطبق الحد الأقصى للأجور على المسئولين بدون استثناء، كل هذه حلول كانت ستغنينا عن القرض.

– أنت مش صحفي؟ اكتب الكلام ده.

– – الإعلام لا يسمح بأي نقد للسيسي، إما أن تطبل أو تسكت، إذا كان السيسي رئيسًا مدنيًا كما تقول أليس من حقي أن أنقده؟

– طبعًا من حقك.

– – طيب إيه رأيك إن فيه آلاف الشباب في السجون لمجرد إنهم اعترضوا على سياسات السيسي بشكل سلمي؟

– دي إشاعات خبيثة الغرض منها التشكيك في الدولة.

– – أسماء المعتقلين موجودة لو تحب تشوفها؟

– خلينا في الاقتصاد.

– – فاكر حديث السيسي في التليفزيون لما قال إن مساعدات دول الخليج أكثر من 25 مليار دولار؟

– فاكر.

– – كيف صرفت هذه الأموال عن آخرها حتى اضطررنا للاستدانة؟

– سيادة الرئيس ينفذ مشروعات عملاقة ومكلفة.

– – مش مهم المشروع يبقى عملاق، المهم يفيد الناس.

– مش فاهم

– – نفترض إن حضرتك بتدفع ألف جنيه دروس خصوصية لابنك، ينفع إنك تاخذ الألف جنيه وتشترى بهم بدلة لنفسك؟

– لا طبعًا دروس ابنى أولى.

– – تقدر تقول لي لماذا أنفقنا على قناة السويس الجديدة مليارات بينما إيراداتها لم تزد جنيهًا واحدًا؟

– ما ذنب السيسي في قلة الإيرادات؟ أنت تعرف أن مرور السفن في القناة مرتبط بحركة التجارة العالمية.

– – ولماذا لم تتم دراسة حركة التجارة جيدًا قبل تنفيذ المشروع؟

– الرئيس السيسي قال إن الهدف من قناة السويس كان رفع الروح المعنوية للمصريين؟

– – بالذمة ده كلام ياحاج..؟ أنا أعرف طرقًا كثيرة تؤدي إلى رفع الروح المعنوية أفضل من إهدار مليارات الجنيهات في مشروعات لا تدر أرباحًا.

– حتى لو كلامك صحيح، واجبنا كلنا ندعم السيسي ضد المؤامرة الأمريكية الصهيونية، مصر لن تركع أبدًا بإذن الله.

– – حكاية المؤامرة اللى بيرددها الإعلام كذبة كبيرة، الدول الغربية راضية عن السيسي وبتبيع له أسلحة متطورة، العلاقة بين السيسي والإدارة الأمريكية ممتازة أنت شايف كل شوية السيسي يجتمع بوفد من الكونجرس أو رئيس الأركان الأمريكي أو رئيس المخابرات الأمريكية وكلهم بيؤكدوا أن السيسي حليف لاغنى عنه لأمريكا، علاقة السيسي بإسرائيل أفضل من أي رئيس مصري سبقه، السيسي يدعو للسلام الدافيء مع إسرائيل ومصر لأول في تاريخها صوتت لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة، ممكن تقول لي فين المؤامرة؟.

– يعنى لو مش عاجبك السيسي يبقى من البديل؟ من في رأيك يقدر يمسك البلد؟

– – احنا مش عاوزين حد يمسكنا، احنا عاوزين نمسك نفسنا، فاكر لما قلت لي مصر عاوزة رئيس عسكري يمسكنا بيد من حديد، آدي النتيجة،، احنا في تدهور مستمر بقى لنا ستين سنة عشان حكاية اليد اللي من حديد، احنا عاوزين حد يكون كفء ونحاسبه على قراراته من غير ما ننترمي في السجن ونتعذب ولا الإعلام يتهمنا بالخيانة.

– يعنى مش حترشح السيسي لفترة ثانية؟

– – لو فيه انتخابات بجد لايمكن أرشحه إنما لو كانت الانتخابات مسرحية كالعادة سأقاطعها.

– ربنا يولي من يصلح

– – سعدت بالمناقشة معك، أنا مضطر أمشي، لازم أروح الجريدة.

نهض الشاب فصافحه الشيخ بود وتابعه بنظره حتى خرج من المقهى ثم رشف من كوب الشاي واستغرق في تفكير عميق، الديمقراطية هي الحل.