عربي وعالمي

علاقة “حزب الله” وآل الحريري.. “ربط نزاع” مستمر منذ 1992

قرار ما يسمى «حزب الله» ألا يسمي رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري لرئاسة الحكومة اللبنانية المقبلة، على الرغم من حصول الأخير على 110 أصوات من مجمل أصوات النواب الـ128، لم يفاجئ أيا من القوى السياسية التي اعتادت ألا يقدم الحزب المؤيد لإيران على تسمية رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري ولا نجله لرئاسة أي من حكومات العهود السابقة. والواقع أن ما يسمى «حزب الله» لم يفعل هذا حتى إبان المرحلة الزمنية التي كانت علاقة الحريري الأب فيها بالحزب طبيعية، ولا تشبه في شيء ما تحولت إليه العلاقة مع الابن بعد عام 2005، جراء اغتيال والده.

لقد شكَّل آل الحريري 3 حكومات منذ عقدين ونصف، وجرى تكليف الأب والابن 5 مرات، فشل في إحداها سعد خلال عام 2009 قبل أن يتم تكليفه مجددًا في العام نفسه وينجح في مهمته. وللعلم، تولى رفيق الحريري رئاسة الحكومة من عام 1992 وحتى عام 1998، قبل أن يشكل حكومة جديدة في عام 2000 استمرت حتى عام 2004. أما ابنه سعد الحريري فشكَّل حكومته الأولى في عام 2009 وأسقطها ما يسمى «حزب الله» وحلفاؤه في عام 2011. والمفارقة أن الحزب لم يسمِّ الرئيس رفيق الحريري، ولا الرئيس سعد الحريري، لرئاسة أي من الحكومات السابق ذكرها.

القيادي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش، يرى أن تمسك الحزب بسياسة رفض تأييد آل الحريري لرئاسة الحكومة «طبيعي ومنطقي، فهو وقبل أن يصل الرئيس (الشهيد) رفيق الحريري إلى الحكم، كان يتعاطى مع الدول العربية والخليجية باعتبارها دولاً عدوة له، ويرفض كل من هو مرتبط بها»، وأعاد علوش في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» إلى الذاكرة «كل محاولات الحريري الأب مد جسور تفاهم بين الحزب وهذه الدول قوبلت بالجفاء والتشكيك من قبل هذا الأخير»، وقال: «حتى دور الرئيس (الشهيد) في تفاهم أبريل (نيسان) 1996 لم يقرّوا به، ووضعوه في خانة الدبلوماسية الإيرانية والسورية».

ورأى علوش أنّه «بعد اتهام 5 عناصر من الحزب باغتيال الرئيس الحريري، لا ينتظرن أحد شهر عسل بين الفريقين، أقله من ناحية ما يسمى (حزب الله) تجاه الحريري وما يمثله تيار المستقبل». وأردف: «ربط النزاع هذا لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، فإما أن ينضم الحزب إلى الدولة ويصبح جزءًا منها بعد تسليم سلاحه، أو يقتطع منطقة من البلد ويعيش فيها وحده»، مرجحا أن «يتفكك الحزب تمامًا كما حصل مع الأحزاب الشيوعية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، عندما تصل إيران لنهاية مشروعها الإقليمي، مشروع ولاية الفقيه». وجدير بالذكر، أن طاولة الحوار الثنائي التي تضم ممثلين عما يسمى «حزب الله» وتيار «المستقبل» برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، والتي تعقد جلساتها منذ عام 2015 تشكّل أبرز أشكال عملية «ربط النزاع» بين الطرفين، وحقًا ساهمت إلى حد بعيد في امتصاص الاحتقان الذي بلغ مستويات غير مسبوقة جراء مشاركة مقاتلي الحزب في المعارك السورية إلى جانب قوات النظام.

من ناحية ثانية، يردّ لقمان سليم، مدير «مؤسسة أمم للأبحاث والتوثيق» المعارض لما يسمى «حزب الله»، رفض الحزب تسمية الحريري الابن والوالد لرئاسة الحكومات على مدى عقدين ونصف، لسعيه وحرصه على «توسيع هامش مناورته بعدم الاعتراف بمجمل النظام اللبناني»، واعتبر سليم في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الحزب «كان مطمئنا أثناء الوجود السوري لسير عمل الحكومة، نظرًا لأن الضابط السوري كان ساهرًا بحينها على أدائها، أما بعد خروجه من لبنان، وجد ما يسمى (حزب الله) نفسه مضطرا للمشاركة مباشرة في الحكومات لضمان عدم الخروج عن بعض أساسياته». ورجَّح سليم أن تستمر سياسة «ربط النزاع» بين الحزب وتيار المستقبل «إلى أن ينفجر هذا النزاع في الأجل الأقرب، أو تُحل الأمور في أجل أبعد، وهذا الموضوع مستبعد».

وأضاف: «على كل حال، فإن التسوية التي أتت بالعماد عون رئيسًا للبلاد والنائب الحريري لرئاسة الحكومة مجددًا، ليست كما يحاولون أن يشيعوا لبنانية خالصة، بل هي أشبه بالتسوية التي أدّت لتشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، وكانت ثمرة عدم ممانعة مزدوجة إقليمية بعد ضغوط دولية معروفة».

تعليق واحد

أضغط هنا لإضافة تعليق