عربي وعالمي

بعد رفض الطيب تجديد الخطاب الديني “وفق رؤية النظام” وعزل الإخوان..الأزهر والسيسي إلى “طريق مسدود”

لم يفلح إطراء عبدالفتاح السيسي في كلمته بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي على الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ومحاولاته نفض يديه عن مسألة الخطبة الموحدة في نزع فتيل الأزمة بين الأزهر والرئاسة. ووصلت علاقة الأزهر بالرئاسة لطريق مسدود؛ إثر فشل اللقاء الأخير الذي جمع السيسي بشيخ الأزهر، في ظل تحفظ الأخير على الرؤية التي طرحتها الرئاسة وجهات سيادية لتنشيط دور الأزهر في تطوير الخطاب الديني ومواجهة التطرف وجماعات الإسلام السياسي.

وكان السيسي اقترح خلال احتفال وزارة الأوقاف بالمولد النبوي بتشكيل لجنة لتجديد الخطاب الديني، وهو ما عدَّ تأكيدًا رسميًا باستمرار محاولات تفريغ دور الأزهر من مضمونه، لاسيما أن التشكيل المعلن للجنة سيضم شخصيات معادية للطيب، بل وراغبة في إنهاء ولايته في الأزهر.

غير إن الطيب عبر عن رفضه لدعوة تجديد الخطاب الديني وفق رؤية الدولة، لكونها تمس بثوابت الأزهر والإسلام، كما نقلت مصادر مقربة عنه، الأمر الذي أشعل غضب الدولة.

وقررت الدولة التصعيد مع الأزهر، عبر مخطط متكامل يتضمن عدة خطوات منها فرص حصار إعلامي غير مسبوق على الأزهر وشيخه والمقربين منه، عبر منع الفضائيات المقربة من السلطة لاستضافة رموزه، أو الحصول على ردود فعل منه على القضايا المثارة.

ووفق مصادر مطلعة، فإن الحصار الإعلامي يشمل شيخ الأزهر الذي لا يفضل الظهور الإعلامي ووكيله الدكتور عباس شومان وعددًت من رموز مجمع البحوث الإسلامية، وهيئة كبار العلماء، فضلاً عن منع المؤسسة الدينية من إصدار بيانات قوية ترد الهجمة على الرموز الإسلامية أو تنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة.

وكشفت المصادر عهن أن الأزهر كان بصدد إصدار بيان ضد انتقادات الإعلامي مفيد فوزي للداعية الراحل للشيخ محمد الشعراوي، وإعلان محمد عبد الله نصر، الشهير بـ “الشيخ ميزو” أنه “المهدي المنتظر”، إلا أن فيتو رسميًّا حجب البيان، ما أحرج شيخ الأزهر الذي وجد نفسه غير قادر على الرد على هذه الإساءة لواحد من رموز المؤسسة الأزهرية. وتضمن مخطط “تقزيم الأزهر” – كما وصفته المصادر- توجيه إعلاميين وشخصيات محسوبة على الأجهزة الأمنية لطرح مقترحات بضرورة تشكيل مجلس أعلى للخطاب الديني.

وطالب الحسين حسان، مؤسس حملة “مين بيحب مصر”، بمجلس أعلى للخطاب الديني برئاسة الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، الذي لا يخفي طموحه لخلافة شيخ الأزهر والدكتور أسامة الأزهري مستشار الرئيس للشئون الدينية الذي لا يحظي بأي قبول لدى شيخ الأزهر.

إلى ذلك، كشفت المصادر عن أن تحفظ شيخ الأزهر على طلب جهاز أمني بعزل 100من أساتذة جامعة الأزهر بدعوى الانتماء لـ “الإخوان المسلمين”، وإحالتهم إلى وظائف إدارية فجّر الغضب الرسمي ضد الطيب، فضلاً عن عدم حماس الأخير في مواجهة جماعات الإسلام السياسي وفي القلب منها جماعة “الإخوان”.

ولم تستبعد المصادر لجوء الدولة لأساليب أكثر خشونة في التعامل مع الأزهر خلال المرحلة المقبلة لإجبار شيخ الأزهر على التماهي مع مواقف الدولة في عدد من الملفات، وعلى رأسها الحملة على جماعات الإسلام السياسي داخل الجامعة وخارجها، فضلاً عن اتخاذ خطوات أكثر تقدمًا في مجال تجديد الخطاب الديني.

من جهته، نفى الدكتور محمود عبدالخالق دراز، أستاذ العقيدة جامعة الأزهر، ما تردد بشأن توتر العلاقات بين الدولة ومؤسسة الأزهر، مستنكرًا وجود علاقة للتوتر المزعوم بعدم إصدار الأزهر لبيان يرد فيه على “البذاءات” التي يصدرها البعض أمثال إسلام البحيري وفاطمة ناعوت.

وأضاف دراز ، أن “مرصد الأزهر يتابع كل ما يقال ويقوم بالرد الفوري على بعض التجاوزات، فضلاً عن تجاوزه أمورًا أخرى عملاً بمبدأ تجاوز الرد على السفيه أفضل من الحديث معه”. وأوضح دراز، أن “المناقشات الدائرة ما بين الأزهر والدولة بشأن تجديد الخطاب الديني مجرد نقاشات عادية واختلافات في وضع النظرة المستقبلية للخطاب الديني”.

ونفى أن يكون تأثير هذا الأمر هو عدم الرد على التجاوزات الصادرة من “أعداء الوطن” الذين لم يطمحوا فحسب في تدمير الأزهر، بل وإثارة الفتن داخل الوطن. وتمسك دراز برأيه بشأن عدم توتر العلاقات بين الدولة والأزهر، مؤكدًا حرص الدولة على التعاون مع الأزهر للحفاظ على استقرار الوطن.

فيما رفض الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة جامعة الأزهر، الإبداء بأي تصريح فيما يخص المسيئين والمتجاوزين في حق الإسلام والأزهر، مشيرًا وفق تصريحاته إلى أنهم يريدون غلق هذا الملف.