عربي وعالمي

العالم يودع بان كي مون.. أمين عام “القلق”

لى مدى 10 سنوات، دأب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، على الإعراب عن القلق بشأن جميع الأمور التي تحدث في العالم، وربما التي لم تحدث أيضاً. ولم تتعدَّ مواقفه، غالباً، حدود القلق إلى تصرف إيجابي، بل كان القلق وحده العنوان لمواقف أهم شخصية في أقوى المنظمات العالمية نفوذاً وتأثيراً في العالم.

“القلق” الذي سيطر على “مون” كان مثار سخرية شديدة من معظم سكان الأرض، حتى تحول الأمر إلى “نكتة”؛ في حين كان مشردون ومظلومون وضحايا ينتظرون أن يتحول القلق إلى موقف مؤيد لحقوقهم ودافع للظلم عنهم، وهو ما لم يحدث خلال السنوات العشر التي تولى فيها “مون”، ولا يعرف أحد هل سيسير “أنطونيو غوتيريس”، الأمين العام الجديد، على درب سلفه في الاكتفاء بالإعراب عن القلق، أم سيتطور الموقف إلى إجراءات أخرى.

-كيف جلس “مون” على المقعد الدولي؟

من كوريا الجنوبية جاء بان كي مون، الذي يبلغ من العمر الآن 72 عاماً، ليتولى صدارة أشهر المنظمات الدولية في العالم وأهمها عام 2007، في ولاية أولى انتهت في31 ديسمبر/كانون الأول 2011، ليعاد انتخابه مرة أخرى بالتزكية لولاية ثانية في 21 يونيو/حزيران 2011، وقبل توليه المنصب كان يعمل وزيراً لخارجية كوريا الجنوبية.

ولم يكن “مون” غريباً عن المنظمة حين تم اختياره لقيادتها، حيث كان يعمل منذ 1975 في شؤون الأمم المتحدة بوزارة خارجية بلاده، ومنذ ذلك الحين بدأت علاقته بالأمم المتحدة التي كلفته بالعديد من المهام، ومنها رئاسة اللجنة التحضيرية لمنظمة “معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية”.

ويُعتقد أنه سيركن للراحة بعد تركه منصبه في نهاية هذا العام، كما فعل سابقاه الأخضر الإبراهيمي وكوفي عنان، ومن المتوقع أن ترشحه الأمم المتحدة بعد ذلك مندوباً لها في إحدى القضايا الدولية المهمة.

– قلق مدفوع الأجر

تسبب القلق الذي أبداه بان كي مون خلال توليه منصبه في إثارة سخرية واسعة من المتابعين؛ رصد منها موقع “المشهد اليمني” أن الأمين العام أعرب عن قلقه خلال عام 2014 فقط 180 مرة، أي بمعدل قلق كل يومين، منها 27 قلقاً لليمن وحدها، في حين توزعت “القلقات” الباقية على: 19 بين إسرائيل وفلسطين، و15 لأوكرانيا، و11 لأفريقيا، و9 للعراق، و6 لنيجيريا، و7 لسوريا، و5 لجنوب السودان، وجاءت مالي في المؤخرة بـ4 “قلقات”، في حين تقلصت المرات إلى 48 مرة فقط خلال 2015 لأسباب غير مفهومة.

بان كي مون يتقاضى 35 ألف دولار في الشهر مقابل هذه المهمة.

ولم يتوقف “قلق” مون على الشأن السياسي فحسب؛ بل تعداه إلى شؤون أخرى، منها قلقه بشأن قضية المياه في العالم، ووصفه مغرد ساخر بأنه “أبو القلق الكوري”، فيما طالب آخر بصرف بدل قلق للشعوب العربية التي تقلق مجاناً.

– “غوتيريس” وريث القلق الجديد

تم اختيار البرتغالي أنطونيو غوتيريس أميناً جديداً للمنظمة الدولية، التي أُسست في 1945، ليكون الأمين العام التاسع، حيث أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2016، اختياره من قبل مجلس الأمن لخلافة بان كي مون، ابتداءً من يناير/كانون الثاني 2017، أي بعد أيام من الآن.

وأيدت الدول الأعضاء، بالتزكية، رئيس الوزراء البرتغالي السابق، الذي وافق عليه في السادس من أكتوبر/تشرين الأول، ثلاثة عشر عضواً من بين 15 عضواً من أعضاء مجلس الأمن، من بينهم الدول الخمس دائمة العضوية، دون أن تعترض أي دولة، ومن المقرر أن يتولى منصبه خمس سنوات تنتهي في 31 ديسمبر/كانون الأول 2021.

وكان مجلس الأمن الدولي أقر مؤخراً بالإجماع، تعيين رئيس الوزراء البرتغالي الأسبق أنطونيو غوتيريس، الذي يبلغ من العمر 67 عاماً، من بين 12 مرشحاً، بينهم 6 نساء. وهو الاختيار الذي استقبله الأمين العام الجديد بمزيد من “الامتنان والتواضع”؛ إلا أنه لم يوضح موقفه بشأن “القلق” الذي كان سلفه يعتمد عليه بشكلٍ كاملٍ طوال وجوده بمنصبه الرفيع.

كما لم يفصح بان كي مون، خلال تعليقه على اختيار “غوتيريس” عن مستقبل القلق في تصريحات الأمين الجديد، مكتفياً بالوصف بأنه “خيار رائع”.