عربي وعالمي

انتقادات حادة للقانون الأميركي للأجهزة الإلكترونية.. وهذه مبررات الخبراء

أثار حظر الحكومة الأميركية غير المُتوقَّع أجهزة الحاسب المحمولة، والأجهزة اللوحية، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية “ذات الحجم الأكبر من الهاتف الجوال” من 10 مطارات في الشرق الأوسط- انتقادات خبراء التكنولوجيا، الذين يقولون إنَّ القواعد الجديدة تبدو متعارِضةً مع علوم الكمبيوتر الأساسية.

وتشمل الأجهزة الإلكترونية الكبيرة المحظور اصطحابها داخل مقصورة الطائرة في الرحلات الجوية التي يتضمنها القرار: الحواسيب المحمولة، والأجهزة اللوحية، وأجهزة القراءة الإلكترونية، وكاميرات التصوير، وأجهزة تشغيل الأقراص الرقمية (دي في دي)، والألعاب الإلكترونية التي يزيد حجمها عن حجم الهاتف الذكي، والطابعات المحمولة، والماسحات الضوئية المحمولة.

وبعد ساعاتٍ من توزيع مرسومٍ “سري” من هيئة سلامة النقل الأميركية، قال مسؤولون بارزون في إدارة ترامب، خلال بيانٍ صحفيٍ مُقتَضَب عُقِد على عجل مساء الإثنين 20 مارس/آذار، إنَّ الحظر جاء بعد ظهور “تقييمات استخباراتية” تفيد بأنَّ إرهابيين آثروا “تهريب عبوات ناسفة داخل سلع استهلاكية متنوعة”.

وسيُسمَح للركاب بشحن أجهزتهم مع الأمتعة المُسجَّلة على متن رحلاتٍ من المطارات المتأثِّرة بالقرار، والتي تشمل الأردن، ومصر، وتركيا، والمملكة العربية السعودية، والمغرب، وقطر، والكويت، والإمارات العربية المتحدة.

وقال مسؤولون بوزارة الأمن الداخلي الأميركية إنَّ الحظر سيساعد في منع الهجمات الإرهابية على شركات الطيران التجارية، لكنَّ خبراء التكنولوجيا شكَّكوا في النتائج الأمنية المترتبة على ذلك.

وقالوا إنَّه إذا كانت هناك مخاوف بشأن استخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة على متن الطائرات كمتفجِّرات، فإنَّ تلك المخاطر نفسها يمكن أن تحدث من خلال الأمتعة المُسجَّلة. وعلاوة على ذلك، تمتلك الكثير من الهواتف الجوالة، التي لا يشملها الحظر، الإمكانات نفسها التي تمتلكها الأجهزة الأكبر.

وقال نيكولاس ويفر، الباحث في المعهد الدولي لعلوم الكمبيوتر بجامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي: “الأمر غريب لأنَّه لا يطابق نموذج تهديدٍ تقليدي. إذا كنت تفترض أنَّ المُهاجِم مهتم بتحويل كمبيوتر محمول إلى قنبلة، فإنَّ هذا سينجح بالطريقة نفسها أيضاً في طائرة شحن الأمتعة”.

وأضاف: “وإذا كنت قلقاً بشأن القرصنة، فإنَّ الهاتف الجوال هو أيضاً كمبيوتر”.

مخاوف من بطاريات الليثيوم

وعلى نحوٍ منفصل، أثار بعض الخبراء، بمن فيهم أولئك الخبراء في إدارة الطيران الفيدرالية، سابقاً، المخاوف من أنَّ شحن بطاريات الليثيوم على متن طائرات الشحن يُشكِّل خطراً بنشوب حريقٍ خطير.

وأُثيرَت العديد من التساؤلات خلال الإيجاز الصحفي الذي عُقِد الإثنين بشأن معنى “أكبر من الهاتف الجوال”، لكنَّ الردود لم تُقدِّم أي إيضاحات.

وقال أحد المسؤولين الثائرين والذي سُئِل مِراراً بشأن مدى كبر حجم الهاتف حتى لا يُعتَبَر جهازاً لوحياً ويُحظَر: “حتى نكون صادقين، هناك اتفاقٌ عالمي بشأن هذه المعايير”. ويبدو أنَّ المواصفات ستخضع لتقدير شركات الطيران.

وأشار مسؤولٌ بوزارة الخارجية في حديثه مع الصحفيين إلى “العديد من الحوادث الإرهابية التي جرت على متن الطائرات العام الماضي”، وكانت جميعها خارج الولايات المتحدة. وبعد الضغط على أحد المسؤولين بوزارة الأمن الداخلي، قال إنَّ حادثةً واحدة فقط قد اشتملت على قنبلةٍ هُرِّبت بداخل مقصورة الطائرة، وهو الانفجار الذي أسفر عن مصرع شخص واحد على متن طائرة تابعة لشركة طيران صومالية تُدعى “Daallo”، والتي لا تُسيِّر رحلاتٍ إلى الولايات المتحدة.

وقالت وزارة الأمن الداخلي إنَّ على المسافرين التقيُّد بالحظر، “بغض النظر عن وضعهم وتصريحهم المُسبَق بالدخول”، وإنَّ الإجراءات “ستبقى قائمةً حتى زوال التهديد”، وذلك على الرغم من أنَّ متحدِّثةً باسم شركة طيران الإمارات أخبرت وكالة رويترز، الثلاثاء 21 مارس، بأنَّ توجيهات هيئة سلامة النقل ستظل سارية حتى الـ14 من أكتوبر/تشرين الأول.

ورداً على سؤالٍ حول ما إذا كان القرار الجديد ذريعةً للتفتيش في أجهزة المسافرين، قال مسؤولٌ بوزارة الأمن الداخلي: “ليس لذلك أي علاقة على الإطلاق بالبيانات الموجودة في أمتعة المسافرين”.

ووصف بروس شنايدر، وهو خبيرٌ في مجال الأمن التقني، القواعد الجديدة بأنَّها “قيدٌ مُزعِج على السفر”.

وقال في بريدٍ إلكتروني: “من منظورٍ تقني، لا شيء قد تغيَّر بين السنوات العشر الأخيرة واليوم. وهذا يعني أنَّه لا تُوجَد أي تطوراتٍ تكنولوجية تجعل من هذا التهديد اليوم أكثر خطورة. وبالتأكيد، لا يُوجَد أي سببٍ تكنولوجي سيقصر هذا التهديد المُكتَشَف حديثاً على حفنة من شركات الطيران الشرق الأوسطية”.

وأشار بول شوارتز، الأستاذ بكلية الحقوق في جامعة كاليفورنيا بمدينة بيركلي، إلى أنَّ مُختطِفي طائرات هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول كانت لهم خلية في مدينة هامبورغ بألمانيا. وقال: “إنَّ إحدى المشكلات المحتملة في هذا النهج الذي تنتقي فيه دولاً بعينها؛ هي أنَّك تتجاهل المدى الذي يكون التهديد الإرهابي فيه نوعاً ما غير مرتبطٍ بدولةٍ بعينها؛ إذ يمتلك الإرهابيون خلايا في مختلف أنحاء العالم بأسره”.

تهديدات ليست جديدة

وتحدث مسؤول حكومي سابق على درايةٍ بالإجراءات الأمنية للرحلات الجوية لوكالة بازفيد الأميركية للأنباء، قائلاً: “إذا كان ذلك صحيحاً، فإن التهديدات بإخفاء متفجرات داخل الحواسيب المحمولة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الكبيرة التي يحملها المسافرون إلى أقصى نقطةٍ ممكنة عند مغادرتهم من مطارات بلادهم متوجهين نحو الولايات المتحدة- ليست جديدة، يبدو أن ذلك الحظر يستهدف المسلمين ضمن سلسلةٍ من الإجراءات الصارمة التي تُتخذ ضدهم في الآونة الأخيرة”.

وأضاف المسؤول السابق أنَّ الجهات الرسمية الأميركية درَّبت موظفي الأمن في المطارات بأنحاء الشرق الأوسط كافة، على مدار ما يقرب من عامين، على الكشف عن المتفجرات.

وقال المسؤول نفسه: “هذه إجراءات غير ضرورية وتحمل قدراً كبيراً من المُبالغة، أرى أنها تهدف إلى معاقبة فئةٍ بعينها، ولا تدخل ضمن إطار الإجراءات الأمنية المنطقية”.

وقال كريس هوفناغل، أستاذ القانون بجامعة كاليفورنيا، إنَّ الجهود الرامية إلى تقييد أجهزة الكمبيوتر المحمول على متن الطائرات بصورةٍ أكبر، من شأنها أن تواجه مقاومةً واسعة النطاق. وأضاف: “أن تكون مُضطَّراً إلى التحقُّق من جهاز كمبيوتر محمول لهو أمرٌ مُرهِق، ويمكنك أن تتصوَّر أنَّ طلباً كهذا سيُقابَل بمقاومةٍ من شركات الطيران، التي تُمثِّل جماعات ضغط قوية”.

وكانت شركات الطيران الأميركية تضغط على إدارة ترامب من أجل التدخُّل في منطقة الخليج العربي، حيث ادَّعت لسنوات أنَّ الاستثمارات في 3 من شركات الطيران سريعة التوسُّع في المنطقة، وهي: طيران الاتحاد، والخطوط الجوية القطرية، وطيران الإمارات، تُمثِّل إعاناتٍ حكومية غير عادلة لا تستطيع شركات دلتا، والخطوط الجوية الأميركية، وشركة الخطوط الجوية المتحدة أن تخوض غِمار المنافسة في ظلها. والخطوط الجوية الشرق أوسطية الثلاثة، جميعها من بين شركات الطيران المُتضرِّرة من قرار حظر الأجهزة الإلكترونية.