عربي وعالمي

من بينها ضربات جوية ومناطق آمنة وصواريخ كروز..
خيارات ترامب العسكرية للتعامل مع الأسد

يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحديه الأصعب ربما في السياسة الخارجية حتى الآن وسط مطالبة البعض باتِّخاذ الولايات المتحدة موقفاً في أعقاب الهجوم الكيميائي الذي شنه النظام السوري على إحدى البلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا، وأسفر عن مقتل العشرات من المدنيين.

وقال ترامب إنَّ هجوم الثلاثاء، 4 أبريل/نيسان، “تجاوز الكثير من الخطوط” بالنسبة له، وإنَّ “موقفه تجاه سوريا والأسد قد تغيَّر كثيراً”. وأوضح مصدرٌ مُطَّلِع على هذه المطالبات لشبكة “سي إن إن“ أنَّ ترامب أخبر بعض أعضاء الكونغرس بأنَّه يبحث العمل العسكري في سوريا رداً على ذلك.

ولم يُوضِّح ترامب بعد ما ستقوم به إدارته، وما إذا كانت ستتخذ أي رد فعلٍ من الأساس. لكن، لا محالة، تُركِّز التكهُّنات على ما إذا كان ترامب سيتدخل عسكرياً في سوريا، وهو الأمر الذي لم يفعله الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

إذاً، ما الخيارات العسكرية المحتملة للولايات المتحدة في سوريا؟

الضربات الجوية الاستراتيجية

قال جاستن برونك، الزميل الباحث في فريق العلوم العسكرية بمركز أبحاث المعهد الملكي للخدمات المتحدة ببريطانيا، إنَّ الولايات المتحدة قد تسعى إلى تنفيذ ضرباتٍ انتقامية ضد مواقع الجيش السوري ومعداته، أو حتى قيادته.

غير أنَّ عقبةً رئيسية تكمن في الطريق، وهي أنظمة الدفاع الجوي الروسية داخل سوريا، التي تعطي موسكو، وعلى نحوٍ فعَّال، السيطرة على المجال الجوي فوق معظم الأراضي السورية.

وشرعت روسيا في تنصيب دفاعاتها الجوية في سوريا منذ تدخُّلها دعماً للرئيس السوري بشار الأسد عام 2015، وذلك من خلال قواعد عسكرية في حميميم، واللاذقية، وطرطوس. وأدخلت روسيا أنظمة الدفاع الجوي الصاروخي المُتقدِّمة إس-300 وإس-400 نطاق العمل، ولديها كذلك مقاتلاتها الخاصة لنشرها في الأجواء.

وقال برونك إنَّه نظراً إلى أنَّه من المستبعد للغاية أنَّ تسمح روسيا بالضربات الأميركية ضد حليفها، فإنَّه سيكون على الولايات المتحدة أن تستخدم طائرات الشبح (التي تستخدم تقنيات التخفَّي للهروب من الرادارات وأنظمة الدفاع الجوي) مثل إف-22، أو القاذفة بي-2 سبيريت، لتجنُّب اكتشفاها من قِبَل الدفاعات الجوية الروسية. وسيكون ذلك خياراً مُكلِّفاً للغاية في ظل محدودية عدد الطائرات المتاحة.

وأضاف برونك أنَّه في حال استمرَّت تلك الضربات، فإنَّ الأهداف المحتملة يمكن أن تشمل المستودعات العسكرية، ومواقع التخزين، أو الدفاعات الجوية السورية.

وأكد أنَّ الإشكالية تتمثَّل في أنَّ الخبراء الروس يمكن أن يكونوا موجودين ضمن القوات السورية. وسيكون على إدارة ترامب أن تدرس إذا ما كانت مستعدة للمخاطرة بوقوع أي ضحايا في صفوف القوات الروسية، نظراً إلى إمكانية تصعيد الأعمال العسكرية من قبل روسيا.

وحذَّر إيغور كوناشينكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، في أكتوبر/تشرين الأول من أية ضرباتٍ جوية ضد القوات السورية.

وأخبر الصحفيين: “لن يكون لدى مُشغِّلي أنظمة الدفاع الجوي الروسية الوقت ليُحدِّدوا مصدر الضربات الجوية، وسيكون الرد فورياً. وأي وهمٍ بشأن الطائرات “الخفية” سيتحطَّم بفعل الواقع المُخيِّب للآمال”.

وقال السفير نيكولاس بيرنز، الوكيل السابق لوزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، الأستاذ الحالي للسياسة الدولية في كلية كينيدي للإدارة الحكومية بجامعة هارفارد: “في ظل تواجد الجيش الروسي كقوةٍ مهيمنة في سوريا، فإنَّ الخيارات أمام الولايات المتحدة محدودة”.

وأضاف: “في 2013، أعتقد أنَّ الرئيس أوباما كان عليه أن يستخدم سلاح الجو الأميركي ضد القوات الجوية السورية. وكان من شأن ذلك أن يقضي على قدرة النظام السوري على استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. لقد فوّتنا تلك الفرصة منذ ما يقارب 3 سنوات ونصف”.

وقال دانيال سيروير، مدير برنامج إدارة الصراع في جامعة جونز هوبكينز، إنَّ الولايات المتحدة قد تبحث عدداً من الخيارات.

وقد يتضمَّن ذلك تحديد وتدمير الطائرات أو المدفعية المتورِّطة في إطلاق الأسلحة الكيماوية، أو شنّ هجومٍ جوي على القوات البرية السورية والقوات الحليفة التي تتقدَّم باتجاه مناطق سيطرة المعارضة.

وأضاف: “حتى الآن، قال دونالد ترامب إنَّ هذا لا يمكن للعالم المُتحضِّر أن يتجاهله، لكنَّه لم يفعل شيئاً”، مُضيفاً أنَّ “فشل ترامب في التحرُّك يُعَد بمثابة ضوءٍ أخضر للأسد للقيام بما يحلو له”.

صواريخ كروز

وثمة خيارٍ آخر يتمثَّل في إطلاق صواريخ كروز من المُدمِّرات الأميركية المنتشرة في البحر المتوسط.

وبالعودة إلى 2013، وكما قال مسؤولون لشبكة “سي إن إن” في هذا الوقت، بحث أوباما نشر صواريخ كروز ضد أهداف القيادة والسيطرة في سوريا، فضلاً عن قاذفات الأسلحة الكيماوية. ومع ذلك، وبعد فترةٍ قصيرة، وافقت سوريا على مقترح روسيا بالتخلّي عن أسلحتها الكيماوية، ما أدَّى إلى تراجع أوباما عن تهديداته بالعمل العسكري.

وقبل ذلك بعامين، نفَّذت الولايات المتحدة وقواتٌ حليفة لها ضرباتٍ صاروخية ضد أنظمة الدفاع الجوي الليبي وأهدافٍ عسكرية أخرى خلال تدخُّلٍ عسكري ساعد الثوار الليبيين أثناء قتالهم قوات الزعيم القوي معمر القذافي.

وقال برونك إنَّ كلاً من روسيا والولايات المتحدة قد استخدمتا سابقاً ضرباتٍ صاروخية بصواريخ كروز داخل سوريا، لكنَّها أقل أهميةً فيما يتعلَّق بضرب الأهداف المُتحرِّكة، وتحمل مخاطرةً أكبر بأنَّ تضل أهدافها وتقتل المدنيين.

وأضاف: “إنَّ هذه مسألةٌ حسَّاسة للغاية بالفعل، لا سيَّما بالنظر إلى الأضرار الجانبية الأخيرة للهجمات التي شنَّتها الولايات المتحدة في العراق وسوريا وخلَّفت دماراً هائلاً. وسواءٌ كانت إدارة ترامب قلقة حيال هذا الأمر على وجه الخصوص أو كانت ترغب في انتهاج مقاربةٍ أكثر صرامة فيما يتعلَّق بعدد الضحايا المدنيين الذين يمكن تبرير سقوطهم.. فإنَّ هذا يظل سؤالاً مفتوحاً”.

الوسوم