سبر القوافي

انفعالات شاعر البهجات

كنت أتعامل مع شعر مساعد الرشيدي كنظير شعبي لشعر جرير في سهولة المفردة وصعوبة الالتقاط وعمق الفكرة وشعبية العبارة.. واستشفافه البديع لذلك الإحساس الذي لاتدرك أنه موجود إلا عندما يكتبه، حتى تود لو تقول أن هذا البيت كان على طرف لساني، كأنما كتبه بإحساسي وكدت أكتبه لولا انه سبقني اليه..

وفي كل أمسية يشارك فيها كنت اتمنى ان يقلل انفعالاته وهو يلقي شعره فيكون اقل حركة، بيديه والتفاتاته وابتساماته، اذ توشك ايماءاته وانفعالات صوته تطفىء المعنى الجميل.
و لم اكتشف ان إحساسي قد وقع في هفوة كبيرة الا حين سمعت عبارة ضمن حديث الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن عندما سئل عما يميز مساعد الرشيدي.
فقال: ابتهاجه الدائم بشعره، فرحه الطفولي بالقصيدة وهو يكتبها ويقرأها ويلقيها
كأنما يحتفل بكل قصيدة أو بيت جميل له أو لغيره.
بهذا المعنى عبر البدر.. وبهذه الكلمات اكتشفت ان ماكنت لا أفضله في شخصية مساعد الشعرية هو أفضل مافيه!
وتذكرت أنني جلست معه في جلسة أدبية شخصية في مقهى على شاطىء بحر الكويت عندما قال لي: لن تجد لي أي بيت شعر ضاحك.. لا أحب أن امتهن الشعر بقصيدة هزلية..
أنا لاأتعامل مع الشعر إلا بجديّة.
وكان مساعد قد قال رأيه هذا شعراً، كأنما يرتوي بالقصيدة حتى آخر قطرة:
لاتطاو ل في قصير الشَّبر شَبرك
ولاتَنازل عن شيمْك ولاتَراجع
ولاتسمّع باهتين الذوق شعرك
وانت شعرك من عروق الغيم راضع
ولاتواضع للوضيع يضيع قدرك
ماانت مجبور على يعض التواضع..
..
لقد وضع جرير ميسمه على الفرزدق.. وجدع أنف الأخطل!
وهكذا فعل مساعد مع كل شاعر يكتب قصيدة جميلة ثم يدفنها حية بإلقاء بارد..