أقلامهم

عبداللطيف الدعيج: لوكنت عضواً في المحكمة الدستورية لوضعت الوقار جانباً وصرحت بأن المحكمة غير مختصة في النظر بالاستجوابات

عبداللطيف الدعيج

المجلس سيد قراراته

أنا مع الحكومة في «استهتارها» باستجوابات النواب، خصوصا استجوابات هذه الايام التي يعلن أصحابها ان لديهم استجواب احتياط او «سبير» في حالة فشل الاستجواب الاصلي! يستاهلون.. نواب الاستجواب هذا التعامل الحكومي معهم، لأن الحكومة ببساطة تواجههم بالسلاح ذاته، وتتعامل معهم بالعقلية ذاتها. لكن المؤسف اننا نحن من يدفع الثمن.

بعد تثبيت هذا يجب التأكيد ان قرار اللجوء الى المحكمة الدستورية هو مثل الاستجوابات «الحالية» عبث صبياني ليس من المفروض ان يتم. أنا لو كنت من اعضاء المحكمة الدستورية لوضعت الوقار جانبا ولصرحت الان قبل اليوم بان النظر في الطلب الحكومي ليس من اختصاصي، خصوصا ان المحكمة أقرت في وقت سابق بان النظر في «الاستجوابات» ليس من اختصاصها. فوق كل هذا فان المحكمة الدستورية، كما جاء بالنص الدستوري الذي بني عليه تشكيلها، مهمتها النظر في دستورية «القوانين واللوائح».. في المادة 173 النص واضح «يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح» لنقرأها مرة ثانية.. دستورية القوانين واللوائح. وفي المذكرة التفسيرية للدستور «يعهد بمراقبة دستورية القوانين (واللوائح) الى محكمة خاصة» لنقرأها مرة ثالثة.. دستورية القوانين واللوائح. الآن لنقرأ عناوين جميع صحفنا، سواء يوم امس او عناوين الصحف التي صدرت بعد لجوء الحكومة او حتى عزمها اللجوء الى المحكمة الدستورية حتى في الاستجوابات السابقة. جميع هذه العناوين تتلخص في عنوان واحد واضح ومكرر «الحكومة تحيل الاستجواب الى المحكمة الدستورية» على طريقة شعراوي جمعة الله يرحمه.. الحكومة أحالت ايه؟!.. الحكومة احالت الاستجواب الى المحكمة الدستورية. مرة ثانية احالت ايه؟.. الحكومة احالت الاستجواب وليس القانون او اللائحة الى المحكمة الدستورية.

الآن نحن سنخرج عن وقارنا، ونستأذن السادة اعضاء المحكمة الدستورية لنعلن ان السادة المذكورين ليس لهم علاقة بالاستجواب، وربما حتى لا يفهمون في السياسة وفي التكتيك البرلماني. هم خبراء دستور واهل اختصاص قانوني، وشتان بين هذا والسياسة و«الجمبزة» التي يتبارى فيها اعضاء المجلس والحكومة. الحكومة حسمت الامر في المجلس، وتمكنت من احالة الاستجواب وليس مواد الدستور (قانون القوانين) او اللائحة الداخلية لمجلس الامة، لاحظ ذلك، للمحكمة الدستورية للنظر في دستوريته، مادامت الحكومة تملك الاغلبية والقدرة داخل المجلس، فلماذا اقحام المحكمة الدستورية في الصراع السياسي ولماذا هذه المناورة السخيفة؟ أليس الاجدر وربما حتى الاقوى ان تعلن الحكومة عدم دستورية الاستجواب في المجلس وان يصوت على دستوريته من عدمها اعضاء المجلس انفسهم.. المنتخبون من الامة صاحبة السيادة وليس اعضاء مجلس القضاء الذي يجاهد هذه الايام لتحقيق استقلاليته عن السلطة!!.. أليس هذا هو الانفع والاجدى والاكثر مواءمة سياسيا خصوصا ان السيد النائب احمد عبدالعزيز السعدون مقدم الاستجواب الرئيسي هو صاحب مقولة «المجلس سيد قراراته»؟!.