أقلامهم

سعد العجمي يرفض لغة النوايا التي يتحدث بها النائبان الملا والعوضي

سعد العجمي

 خمر مالك ونوايا الوطني !!

كان المفترض بالعوضي والملا أن يقولا إنهما يحترمان الأداة الدستورية، ويحترمان زملاءهما مقدمي الاستجواب، لكن المحاور لم تكن مقنعة لنا، وعليها بعض الملاحظات، لذا لن نؤيد الاستجواب،

عندما تقدمت كتلة العمل الوطني باستجوابها الأول إلى الشيخ أحمد الفهد، لم يخرج أي نائب من التنمية والإصلاح أو الشعبي أو مستقلي المعارضة ليقول إن الشيخ (س) أو التاجر (ص) أو القطب البرلماني (ع) يقف وراء هذا الاستجواب، وهو من دفع باتجاه تقديمه ولم يتكلم أحد منهم عن النوايا والتوقيت، والموقف ذاته تكرر عند تقديم الاستجواب الثاني للكتلة.

وحدها كتلة العمل الوطني تحدثت عن النوايا والأسماء في استجوابات غيرها، فقالت عن استجواب التنمية وهايف والوعلان إنه قدم لخلط الأوراق، وإن الشيخ عذبي هو من يقف خلفه، وذلك لحماية شقيقه أحمد الفهد. على النقيض من ذلك أيد النواب المستجوبون لسمو الرئيس استجواب الوطني، وقال الطبطبائي إنه سيتحدث مؤيدا لاستجوابهم عند مناقشته.

مشكلة الوطني أن لديهم أكثر من مسطرة في التعامل مع القضايا المطروحة، وهذا أضر بالكتلة وزعزع ثقة الناس بها؛ بعد أن انتهجت أسلوب وضع قدم في المعارضة، وأخرى في الموالاة، وهي حالة لا تستقيم في المشهد السياسي الكويتي نظرا لتوالي القضايا والأحداث فيه، الأمر الذي يجعل من محاولة اللعب بالبيضة والحجر أسلوبا غير مجد وعديم الفائدة.

أسوأ ما في السياسة هو اتخاذ المواقف بناء على الدخول في النوايا وليس الحقائق، فالتاريخ يسجل الموقف ولا يقيم وزنا للتبريرات، وذاكرة الشعب تحتفظ بالنتائج لا الأسباب، وعندما نستعيد شريط الأحداث السياسية بعد أعوام لن يلتف أحد إلى من يقول إنني يومذاك اتخذت هذا الموقف لأن النوايا كانت كذا وكذا.

ليست هذه دعوة إلى الانجراف وراء كل مساءلة دستورية لأي من أعضاء السلطة التنفيذية بمن فيهم سمو الرئيس، لكنها شرح لقواعد سياسية بسيطة وفق قاعدة ما لا ترضاه لنفسك يجب ألا ترضاه لغيرك، وذلك من خلال الابتعاد عن الخوض في لغة النوايا والالتزام فقط بلغة المواقف داخل القاعة، وهي اللغة الحقيقية للديمقراطية التي يجب أن تحترم مهما تم الاختلاف على نتائجها شرط ألا تكون مخالفة لنصوص الدستور أو اللائحة الداخلية.

يعلم أعضاء كتلة العمل الوطني مقدار احترامي وتقديري لهم حتى إن اختلفت معهم في بعض القضايا والآراء، لكنني هنا تحديدا سأوجه كلامي إلى النائبين الفاضلين أسيل العوضي وصالح الملا لأنهما خرجا إلى الأمة من رحم تيارات سياسية لها ماض وطني عريق، فوضعهما السياسي يختلف عن بقية أعضاء الكتلة.

سبق أن امتدحت الاثنين وانتقدتهما، وما زلت وسأظل كذلك أيضا، ليس هذا مهما، بل الأهم أن العوضي والملا عليهما إدراك حجم الإرث السياسي الذي يثقل كاهليهما، فتمثيل التيار الوطني التقليدي مهمة صعبة جدا تحتاج إلى الكثير من التضحيات والوضوح في المواقف المبدئية والثابتة.

ليس مطلوبا من النائبين تأييد الاستجواب المقدم إلى سمو الرئيس، فلسنا بصدد هذا الأمر إطلاقا، لكن غير المقبول هو التشكيك في نوايا المستجوبين علانية وإقحام أسماء خارح السلطة التنفيذية في الموضوع، واتخاذ هذا الأمر مبررا للوقوف ضد الاستجواب.

على العكس تماما كان المفترض بالعوضي والملا أن يقولا إنهما يحترمان الأداة الدستورية، ويحترمان زملاءهما مقدمي الاستجواب، لكن المحاور لم تكن مقنعة لنا، وعليها بعض الملاحظات، لذا لن نؤيد الاستجواب.

على كل حال لا يوجد ما هو أسهل من جعل النوايا مبررات لاتخاذ المواقف، خصوصا في ظل توالي الأحداث وتزاحم القضايا وكثرة اجتهادات النواب والكتل، ولا أعتقد أن فتح باب النوايا من مصلحة كتلة العمل الوطني التي دائما ما تؤكد أن التعاطي مع القضايا السياسية مكانه قاعة عبدالله السالم وليس الساحات أو المنابر، بينما نوابها يقولون على المنصات في الشيخ أحمد الفهد واستجوابهم له ما لم يقله مالك في الخمر.