أقلامهم

من أجل بناء مستقبل جميل وواعد للكويت، يدعونا زايد الزيد لنضع ثقتنا بالشباب

«جمعة الغضب»: نظرة من الداخل

زايد الزيد

«جمعة الغضب»، التي شهدناها يوم أمس الأول، كانت ناجحة في معظم أحداثها وتفاصيلها، فحضورها كان رائعا، من حيث العدد والتنوع، والحماس للتغيير من جانب الحضور، وخاصة الشباب منه، كان واضحا من خلال ترديد الصيحات بصوت عال ومنظم، وكذلك من خلال تجاهل أصوات النشاز التي حاولت تخريب هذا التجمع.

في تجمعات سابقة شهدناها، وخاصة تلك التي تعقبها مسيرات، كنا نلاحظ انفضاض المتجمهرين منها، بعد انتهاء خطب متحدثيها مباشرة، لكن هذه المرة شهدنا أمرا مختلفا. كيف؟ بلا أدنى مبالغة، أستطيع القول، أن كل المتجمهرين، أصروا على المشاركة، في المسيرة التي اتجهت إلى مجلس الأمة، رغم طول المسافة من ساحة البلدية إلى هناك، ورغم الحر و« اللاهوب» الذي كان يلفح وجوه السائرين. 

شباب التغيير الذين نظموا هذه الجمعة المباركة، كانوا أكثر من رائعين، حيث صمدوا وتحملوا من أجل الكويت، وأعني بهؤلاء، كوكبة الحركات الشبابية الداعية للتغيير، وأعني على سبيل الحصر لا المثال – حركات: «السور الخامس» و«كافي» و «نريد».

ونحمد الله حمدا كثيرا طيبا، أن الأمور سارت في هذه الجمعة، على خير مايرام، والفضل في ذلك يعود – من بعد الله سبحانه وتعالى إلى وعي شباب التغيير الكويتي ويقظتهم الفذة.

هذا عن الأمور الايجابية في « جمعة الغضب «، أما عن نقيضتها السلبية، فتمثلت في سوء التنظيم والارتباك الذي شهدناه (تحديدا وحصرا) من على منصة الخطابة، فان يكون هناك ميكروفونان اثنان، وبالتالي متحدثان اثنان، في وقت واحد، وعلى منصة خطابية واحدة، فهذا أمر يتجاوز الخطأ، ليصل إلى نقطة الخطورة على التجمع برمته، ففي وقت حديث النائب السابق الدكتور فهد الخنة، كان هناك من دعا المتجمهرين من على المنصة ذاتها – إلى التوجه لساحة الصفاة، وفعلا استجاب للدعوة عدد من الحضور، ولكن الحمد لله أنهم كانوا قلة، الأمر الذي أدى إلى تماسك عموم المتجمهرين في «جمعة الغضب»، الآتين للإسهام في إنجاح تجمع حضاري، للتعبير عن آرائهم من خلاله بالطرق السلمية، ولكن من يضمن ابتداع أساليب جديدة في التخريب في المرات القادمة؟ لتنتبهوا إلى ذلك مستقبلا يا شباب.

الأمر السلبي الآخر، تجلى في تجاهل دور شباب التغيير الكويتي، الذين حملوا على عاتقهم مشقة هذا العمل الجبار، من خلال استحواذ النواب وحدهم على تصدر هذا العمل، فلم يعط لشباب التغيير الكويتي، فرصة للتعبير عن آرائهم، ولشرح فكرة التجمع وفلسفته، فهم المبادرون، وهم المنظمون، وهم من حملوا وحدهم الكلفة السياسية الباهظة لتنظيم مثل هذا العمل، وكم آلمني منظر الشاب النشط، محمد البليهيس (من حركة كافي)، حينما همّ في شرح فكرته عن التجمع – بعد أن انتهى النواب وبعض الناشطين السياسيين من إلقاء كلمتهم – كم آلمني منظر انفضاض الجمهور، معلنا إنهاء التجمع، والبليهيس لم ينه بعد كلمته. وأنا هنا لا ألوم النواب وحدهم، فالشعب الكويتي للأسف الشديد – اعتاد أن يرمي بكل أوراقه السياسية في حضن النواب، وهذا أخطر ما يكون، والشعب الكويتي قام بقتل مؤسسات المجتمع المدني، ووضع كل البيض في سلة النواب، وهذا أيضا أخطر ما يكون.

ليكن رأيي واضحا: كل النواب الذين حضروا التجمع، من حقهم أن يشاركوا في تصدر هذا العمل، لكن ليس من حقهم أبدا أن ينفردوا به، ولنكن واقعيين ومنصفين، فهؤلاء النواب تحملوا الكثير، حينما وقفوا في وجه مؤسسة الفساد، وأصابتهم جراء ذلك سهام التشويه والتشكيك والطعن بكل أنواعه، من جانب بعض الاطراف، التي مافتئت تشوه كل جميل ومخلص ونظيف في هذا الوطن. لكن هذا شيء، وتهميش الدور الوطني لشباب التغيير، شيء آخر.

لذا وأقول هذا مخلصاً ومن أجل بناء مستقبل جميل وواعد للكويت: لنضع ثقتنا بالشباب، ولنعطهم فرصة العمل، فهم أثبتوا من خلال أكثر من موقف ومنعطف، أنهم أنظف وأطهر من كثير من السياسيين الذين يتصدرون العمل العام..

وإلى جمعة جديدة مباركة..