أقلامهم

يرى فهد العازمي أن الحقيقة التي ظهرت من جلسة الثلاثاء أن الفساد رعاية حكومية بحتة

الفساد رعاية حكومية


فهد العازمي


من المعيب علينا كمجتمع صغير أن نتفنن في مناقشة الجزئيات الرخويات ونتصارع عليها بينما الكليات لا تأخذ معنا جهدا ووقتا سوى العلم بها من باب الثقافة، والغريب أن مداخل الإصلاح تبدأ من البوابات الكلية الرئيسية وليست من النوافذ.
جلسة الثلاثاء الماضي لمجلس الأمة كانت مثيرة للشفقة والدهشة تناولها المهتمون والمتابعون للشأن السياسي بعدة توجهات، ومن باب التدليل على ما ذكرته في صدر المقال إليكم بعض تلك المناقشات التي تابعتها من خــلال «تويتر» والـ «فيس بوك» ولقائي مع بعض الأخوة، فمن المواضيع المثارة مثلا هو موقف بعض الأعضاء الذين عرف عنهم التوجه الحكومي وقربهم من الشيخ أحمد الفهد وانقلابهم عليه في طلب الإحالة التشريعية والموضوع الثاني هو تحالف الرئيس مع كتلة العمل الوطني للإطاحة بالشيخ أحمد الفهد من باب الصفقات السياسية والموضوع الثالث في النقاش الدائر هو موقف النائبين محمد هايف وخالد السلطان وهما محسوبان على المعارضة والموضوع الرابع هو علنية خلاف أقطاب الحكومة من الأسرة الحاكمة ونوقش كذلك مدى إمكانية تأييد كتلة العمل الوطني لاستجواب الرئيس.


والحــقيقة المرة أن كل ما تم نقاشه جزئي ورخـــوي وهـــايف لأن الحقيقة التي ظهرت في جلسة الـثلاثاء مغايرة ولم يستوعبها الشارع استيعابا كاملا ألا وهي أن الفساد رعاية حكومية بحتة وما النواب وأصحاب النفوذ في البلد إلا أدوات تستخدم تارة وتترك تارة أخرى وإلا فمن الذي يحرك بعض النواب مسلوبي الإرادة ومن الذي يحمى الفاسدين في الأروقة الحكومية ومن الذي يحيل ملفات الفساد الى النيابة العامة منقوصة لكي تحفظ فهل من المعقول أن بلدا تعطل التنمية فيه وتنهب ميزانياته الضخمة وتؤزم أوضاعه ولا يعاقب فيه إلا الأجنبي شارب الخمر أو من عليه شيكات لم يسددها، أين القطط السمان؟ أين هوامير المناقصات الفاسدة؟


هل يعقل أن القياديين المشبوهين يتجولون في الإدارة العليا من وزير الى عضو لجنة مناقصات الى عضو منتدب الى عضو مجلس بترول؟ هل يعقل أن يكون الشرط الأساسي لتولي أي منصب أن تكون فاسدا ماليا لكي يجدد لك وتستمر؟


أبناء وطني الغالي لا تزيدون على نواب الأمة والتجار فهم مغلوب على أمرهم وبعضهم مجرد أداة، الفساد رعاية حكومية.. والله أعلم.