أقلامهم

الراوي يرى ناصر المحمد موضوع الجميع مواطنين ووافدين ويقول له: وكل من لايسوس الملك يخلعه

حسين الراوي

يخلعه

حكايات أهل البادية السرمدية ذات المفاجآت والتشويق والغرابة والتنقلات الكثيرة المبعثرة على محطات الأحداث طويلة، يسردها القاص بين جموع الجالسين حوله في وقتٍ متأخر من الليل بحضور الحطب المشتعل وأواني القهوة والشاي، هي بالضبط حكايات الناس اليوم عن رئيس الحكومة!

النواب في مجلس الأمة ينتقدون رئيس الحكومة، والموظفون في وزارات الدولة يحشون في رئيس الحكومة، والمُدرسون في حصصهم الدراسية أمام تلاميذهم يقفون ينتقدون رئيس الحكومة، وأمي مع جاراتها أم بدر وأم محمد وأم ضاري وباقي قعدة الأنس في وقت شاي الضحى يتبادلن بينهن آخر أخبار رئيس الحكومة، ويثرثر المواطنون في طوابير الخباز والمراجعات الحكومية عن رئيس الحكومة، والمرضى في المستشفيات يتسلون ويقطعون وقتهم فيما بينهم في الحديث عن رئيس الحكومة، والعاملون في فرع الجمعية التعاونية عبدالستار الخياط وإحسان الحلاق وراجو الكهربائي ومسعود راعي الآش والباجلا ونعمان الخباز يسألون زبائنهم عن حكايات رئيس الحكومة، وفي الديوانيات يتسامر أبناء الشعب في كوت بوستة والهند السوداني والتحاليل السياسية لمستقبل رئيس الحكومة، وفي تويتر يغردون عن رئيس الحكومة، وفي الفيس بوك يتناقشون عن رئيس الحكومة، وفي منتديات الإنترنت يكتبون عن رئيس الحكومة، وأصحاب البحر في طراريدهم يتكلمون عن رئيس الحكومة، وأصحاب البر في مقناصهم يتكلمون عن رئيس الحكومة، يا الله ما أكثر حسنات رئيس الحكومة، شيء مُبهر جداً!

كلما تذكرت معالي رئيس الحكومة تذكرت بيت الشاعر المتنبي الذي يقول فيه: 

أنام ملء جفوني عن شواردها 

ويسهر الخلق جرّاها ويختصم. 

ولا أدري ما سر الربط الذي في ذهني بين بيت المتنبي هذا وشخصية رئيس الحكومة؟! أم لعلها تلك الأشياء الكثيرة السرمدية والطويلة التي تحدث حول رئيس الحكومة منذ العام الأول لتوليه قيادة الحكومة، فمعاليه ينام ملء جفونه عن كل شيء يحدث حوله، أما الشعب فيسهر جرّها ويختصم في آناء الليل وأطراف النهار وما بينهما! لكنني أتذكر بيت شِعر أحفظه منذ أن كنت طفلاً بريئاً ووسيماً في أيام دراستي الابتدائية في مدرسة الأحنف بن قيس في حبيبتي الجهراء، بيت الشعر الذي مازلت أحفظه ومقتنعا بمضمونه بشدة وأردده في سفري وفي المراجعات الحكومية وعند إشارة المرور وعند سماع أخبار حكومتنا الرشيدة، هو لابن زريق البغدادي يقول فيه رحمه الله: 

رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ

وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ! 

تسمع شنو؟ يخلعهُ… ي خ ل ع ه!

*

شبه يومي يصلني عبر الإيميل رسالة عنوانها (مبروك لقد فزت معنا بسيارة بي أم دبليو)! ويا الله كم هم طيبون أولئك الذين هم فرحون من أجلي ويخبرونني بأنني فزت بهذه الجائزة القيمة جداً. لكن أنا ما سويت شيئا قسماً بالله عشان أفوز بالسيارة ويحرقوني إيميلات ويقولون لي مبروك!