زايد الزيد
ثقافة الاحتجاج تتصاعد
مظاهر الاحتجاج التي تشهدها البلاد حاليا تجاه الحكومة، والمتمثلة في التجمعات الشبابية، أو تلك التي نظمتها القوى السياسية، أصبح هناك ما ينافسها في دائرة الحراك السياسي العام، وأعني الاضرابات العمالية والمهنية، والاعتصامات الطلابية.
وهذه وتلك، أي التجمعات الاحتجاجية السياسية من جهة، والاضرابات والاعتصامات الطلابية من جهة أخرى، تشير إلى أكثر من معنى، فهي تعني أن وضع الادارة السياسية في البلد مصاب بالشلل، وهي تعني أن وضع الادارة الحكومية متهالك إلى حد بعيد، وهي تعني اليأس حتى من المؤسسة التشريعية وأعضائها، وهي تعني أيضا الغياب التام لدور مؤسسات المجتمع المدني.
وأنا أزعم، أن رياح التغيير التي هبت علينا من الربيع العربي، كان لها دور كبير، في هذا الحراك الذي تنوعت روافده، فبعدما كان الأمر مقتصرا على النشاط السياسي، دخلت الفئات العمالية والمهنية والطلابية، إلى حلبة الصراع الدائر منذ فترة، مما سيؤثر حتما في مستقبل التحركات الاحتجاجية والناقمة على الحكومة، صحيح أن مطالب الفئات العمالية والمهنية والطلابية، محددة، وحلولها بالنسبة للسلطة السياسية، أسهل بكثير من مطالب التجمعات الاحتجاجية ذات الطابع السياسي، فمطالب تلك الفئات تنحصر في إقرار كوادر وظيفية أو زيادات مالية، أو تعديل قرارات وزارية (بالنسبة للمطالب الطلابية)، ومع ذلك فإن الاضرابات والاعتصامات الطلابية حتى لو لبّت السلطة مطالبها، وانتهت مظاهرها الاحتجاجية، فإن هذا لا يعني أبدا عزل فئتي الموظفين والطلبة عن الاحتجاجات السياسية وأجوائها، ففساد الحكومة وتردي أحوالها، ساهما كثيرا في خلق ثقافة الاحتجاج في المجتمع كله بشكل لم يكن مألوفا من قبل بهذا الحجم وهذا الشكل.
لذا، فإنه من المؤكد أن «التغييرات» آتية لا ريب فيها، فالاحتجاجات متصاعدة، والسلطة السياسية – أي سلطة سياسية – مضطرة للاستجابة لدعوات التغيير، هذه سنة كونية، والعاقل من اتعظ بغيره.
أضف تعليق