أقلامهم

محمد الجدعي: هناك من يريد إشعال معارك سياسية طاحنة في الكويت

ملتقى النهضة.. وأزمة تلد أخرى! 
محمد الجدعي 
أستغرب هذه الضجة الكبيرة والزوبعة الضخمة، التي أثيرت حول ملتقى النهضة الشبابي الثالث، المقرر له الانعقاد في فندق وريزادانس الفنطاس في الكويت، تحت عنوان «المجتمع المدني.. الوسيلة والغاية»! والمدعو إليه نفر من المفكرين والسياسيين وأساتذة الشريعة والناشطين الحقوقيين، وعدد كبير من النشطاء الشباب من كل المجالات، ومن المهتمين بالعمل النهضوي ككل. هذا الملتقى الذي أتى تحت إشراف مباشر من د. سلمان العودة (المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم الرائدة في خدمة الإسلام والمسلمين)، صاحب الكلمة الشهيرة التي أطلقها في افتتاح الملتقى الأول، حين قال: «النهضة ليست معارضة.. ولا ولاء سياسياً أيضاً»!
من المؤكد أن هناك من استفزته توجهات بعض المفكرين المدعوين، حيث وجدوا في طروحاتهم شبهة وغموضاً كبيرين، ومن المحتمل أن يراها البعض منفرة، وقد يكون فيها مساس بدول خليجية شقيقة، ولكنهم قد نسوا – أو ربما تناسوا – أن هذا الملتقى الذي يمر بدورته الثالثة، انعقد في دورته الأولى في البحرين، والثانية في قطر، فلم تثر هناك أي مشكلة حوله، فلماذا لدينا نحن في الكويت هذه الحساسية المفرطة وهذه المصادمة العنيفة؟ أم أن هناك في الأمر شيئاً لا نعلمه؟! حتى شعرنا بأن هناك من يريد إشعال معارك سياسية طاحنة في الكويت، وعلى مدار 24 ساعة متصلة، على أي شيء، وفي أي شيء، ومن لا شيء! المهم أن هناك أزمةً مستمرةً وتوتراً دائماً!
لا أريد الخوض في الأسباب الفكرية أو الايديولوجية، التي يتمسك بها كل من فريق المؤيدين أو المعارضين للملتقى، ولكن ما أعرفه أن الح.جر على الآراء ومنعها بلا شك سُبة في جبين رافعي شعار الديموقراطية وممارسيها! إذ بحثنا فلم نجد سبباً واحداً مقنعاً من قبل رافضي هذا الملتقى، ومنهم – للأسف – نواب إسلاميون سلفيون رفضوا – وبشدة – انعقاد هذا الملتقى، لاحقتهم تغطية إعلامية تقليدية، وأيضا تويترية، فيسبوكية مكثفة (ما يسمى الإعلام الجديد) فلم تبق ولا تذر، مما أدى إلى انتباه عامة الناس إلى هذا الملتقى، فحركوا وألَّبوا الرأي العام ضده، متأثرين بما طرح من طرف الرافضين! وفي المقابل، كنا نتمنى على القائمين على إدارة ملتقى النهضة تفاعلهم الإعلامي الإيجابي بتبريرات واضحة وشفافة، تدحض كل الإشكالات وكل الشبهات التي أثيرت من حوله، وتحديداً كنا نتمنى لو أن السيد مصطفى الحسن – وهو مدير الملتقى – تواجد إعلامياً، وقام بهذا الدور، وهو ما لم يحصل، فرجحت كفة الميزان إعلامياً للطرف المعارض!
عموماً، هذه الضجة الإعلامية، التي أثارها معارضو هذا الملتقى لم تؤت أُكلها، فلا الملتقى ألغي عنوة، ولا الطرف الثاني تنازل عن حقه في عقد الملتقى، «وإن كان هناك اعتذار من بعض الضيوف من الخارج»، إلا أن الملتقى عقد في جمعية الخريجين بعد تبنيها له، وحولت الدعوة من خاصة إلى عامة، مستفيدة بذلك من الهالة الإعلامية المحيطة به، وبالتالي كانت كالدعاية المجانية أدت إلى توافد أعداد كبيرة من الشباب والضيوف «وممن لم يسمع بهذا المؤتمر من قبل» للحضور إلى فعاليات ملتقى النهضة، الذي أقيم تحت شعار «الدولة المدنية»! على أمل أن كلا من الطرفين قد استفاد فعلاً من نتائج ما حصل وتفاديها مستقبلاً! وهنا، نطرح سؤالاً جوهرياً ومهما – برأيي -: هل سنرى أزمة أخرى تولد من رحم هذه الأزمة المفتعلة؟ وهل ستتكرر الأزمة تلو الأزمة، لا لشيء سوى افتعال الأزمات؟! الإجابة – برأيي -: «نعم»!