أقلامهم

صالح الشايجي: أول الكلام ضحك… و «الجد هالله هالله عليه»

قيلولة: زعيم العرب.. Made in cia..

صالح الشايجي 

_ زعيم العرب في الألفية الثانية.. صناعة أميركية خالصة
_ ما علاقة المخابرات المركزية الأميركية بثورة يوليو؟
_ «كشك» يكشف بالوثائق صلة عبدالناصر بالمخابرات الأميركية
_ هيكل ومصطفى أمين والزعيم في سلة واحدة
_ من هو «كوهين».. وما علاقته بعبد الناصر؟
إذا أردت أن تعرف جمال عبدالناصر الرئيس المصري الأسبق.. باني أهرامات مصر ومعتلي ظهر أبي الهول والراضع ثدي أم الهول وهازم الهكسوس وداحر الصليبيين ومشتت الفرس وغارس الأنصال في ظهور الإغريق، وحافر القناة وشاربها وبائعها ومؤممها، و«المنتصر» في حرب العدوان الثلاثي وموحّد القطرين المصري والسوري في وحدة «ما يغلبها غَلّاب» ولا تنفصم عراها مهما امتدت بها القرون وأكل الدهر وشرب .. ومحقق النصر في حرب اليمن وفي حرب 67 وحرب الاستنزاف.. ومفجّر الثورة وزعيم القومية العربية و«البطل اللي جابه القدر» و«حبيب الملايين» حسب التوقيت المحلي لذلك الزمن ولو امتد به العمر إلى يومنا هذا لصار «حبيب البلايين» حسب سعر الصرف في السوق السوداء!
***
أقول من أراد معرفة هذا الرجل الأسطورة و«الكراندايزر» فإن عليه أن يتعب نفسه «شوية» ويقرأ كتاب «ثورة يوليو الأميركية» ـ علاقة عبدالناصر بالمخابرات الأميركية – لكاتبه الصحافي المصري الراحل «محمد جلال كشك».. فعند «كشك» الخبر اليقين.. ولا تحاول ولا تسوّل لك نفسك البحث عن هذا الخبر اليقين لدى غيره.. وبالذات المدعو أو «المدعوء» محمد حسنين هيكل- بطل التزوير والتضليل والكذب والفشر – لأن هيكل أو محتكر الحقبة الناصرية وكاتب الخليفة الناصري.. وحامل أختام السلطان.. اتضح أنه «ولا حاجة» أو «شيء لزوم الشيء».. وأنه فشار بدرجة «أبو لمعة» أو بالأحرى بدرجة عائلة «أبو لمعة» الفشار الأكبر في التاريخ القديم والحديث والوسط.. ولكن فشر «أبو لمعة» كان مصطنعا ومقصودا به التنفيس والضحك والتسلية..ولكن فشر صاحبنا «هيكل» هو فشر من نوع آخر وفريد ولا يتكرر.. هو سم مطلي بالعسل المسمّم.
***
الكتاب المومأ إليه «ثورة يوليو الأميركية».. ضخم وكبير ويزيد على الستمائة صفحة وغير متوافر ـ حاليا حسب ظني ـ في الأسواق ولا حتى في سوق الجمعة ولا في سوق الأحد ولا في سوق المقاصيص ولا في سوق الحراج.. لأنه كتاب خطير خطير خطير لو قرأه العربي الواعي لغيّر قناعاته كلها في تاريخه المعاصر وكتّابه وصنّاعه وأبطاله وعملائه وخونته!
أعتقد أن كل ناصري واع وغير مغفل.. لو قرأ هذا الكتاب فسوف يتعرض لأزمة قلبية قد تفضي به إلى الوفاة الفورية أو أن يصاب بالغرغرينة الفكرية التي تستدعي استئصال عقله!
***
وكي لا أزيد القليل ولا أطيل القصير.. فلأدخل بصورة شبه مباشرة ـ وأعتذر عن الصدمة التي ستصيب البعض من محبي باني الأهرامات وحافر القناة وزعيم القومية العربية المزعومة – فإنني أقول وبعد التنبيه وضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة.. إن صاحبكم هذا «طلع عميل أميركاني صافي مُصفّى».. لا تشوبه شائبة.. ولا تعيبه عائبة عند سادته وأسياده في المخابرات المركزية الأميركية (cia)!
أرجو ربط الأحزمة وتناول الأدوية اللازمة المانعة للدوخة ودوار البحر وفوبيا الأماكن المرتفعة والحقائق والوثائق الصادمة!
***
 
زعيم القومية العربية.. عميل أميركاني؟! يالهوتي يالهوتيني يا تلات لهاويني – على رأي شويكار – يا دهوتي! يا نهار أسود يا ولاد!
أفا يا زعيم.. يا حبيب الملايين..!
بقى كده يا زعيم دوختنا معاك كل السنين دي وآخرتها تطلع عميل؟! روح يا شيخ ربنا يسامحك!
يا خسارة يا زعيم!.. لكن معليش عندنا عادل إمام.. ما هو زعيم برضو! يا خوفي لا يطلع عميل صومالي هوّ الاخر!
وعلى ذكر الزعيمين «ناصر» وإمام ففي إحدى روايات الزعيم الحالي «عادل إمام» يقول إنه في إحدى المرات.. كان يمشي فمرت به سيارة فيها رجلان.. وفوجئ بأحد هذين الرجلين وهو يشير إليه بالتحية ويرفع يده محييا إياه.. ويواصل زعيم الألفية الثالثة.. أنه عصر ذهنه ليتذكر هذا الرجل الذي حياه.. و«شفته فين يا واد يا عادل شفته فين»؟ وبعد العصر وقبل الظهر تذكره.. واتضح أنه «الزعيم الأول» أي جمال عبدالناصر!
معلش.. مقبولة منك يا زعيم! ما هو الزعما بيعرفوا بعضيهم.. مش كده والاّ إيه يازعيم؟
على فكرة يا زعيم افتكر الله يخليك كويس واعصر وانشر وافشر كمان وكمان.. يمكن تفتكر لما «سعد باشا زغلول».. سلم عليك وانت مش واخد بالك! وبتقول مين الراجل أبو طربوش ده اللي بيسلم عليّه!
***
ومن الضحك إلى الجد
المهم نعود للجد و «الجد هالله هالله عليه»..
صاحبنا «كشك» أو صاحب كتاب «ثورة يوليو الأميركية» ركب على ظهر المدعوء «محمد حسنين هيكل» وألبسه البردعة.. ودلدل رجليه.. و «كرباج ورا يا اسطى».. و«اللي ما يشتري يتفرج»..
فلقد كشفه وعراه.. وأظهر للعالم سوءته.. وفضح أكاذيبه وتناقضاته وكيفية انتقائه لما يكتب في طبعات كتبه باللغة الإنجليزية والتي لا يجرؤ ان يضمنها أكاذيب وأساطير وروايات وخرافات تتضمنها كتبه نفسها بالطبعة العربية.. وذلك لأن الإنجليز ومن لف لفهم من أميركان وخلافه.. يدققون فيما يقرأون ولا يتسامحون مع الكذاب والغشاش والمزور.. أما أمة «أمجاد يا عرب أمجاد».. فهي أمة حسنة النية.. لا تشك ولا تتهم ولا ترى الكذب ولا تعرف له طريقا ولا تظنه موجودا على الأرض.. لذلك هي لا تدقق ولا تحقق ولا تشك ولا تحك رأسها لقدح زناد الفكر.. ولا «زنود الست»! لذلك استغلها المدعوء هيكل وضللها وكتب لها تاريخا مخصوصا من عندياته ومن بنات أفكاره وأيضا من بنات أفكار جيرانه ومعازيبه في واشنطن ((cia!
***
من تناقضات هيكل وأكاذيبه التي كشفها «كشك» حديث هيكل عن معرفته بعبد الناصر..فمرة كان يعرفه منذ حرب فلسطين عام 48 وزاره عبدالناصر في مكتبه في مجلة آخر ساعة.. سنة 1950 ومرة أخرى زاره عام 51!
هذا ما كتبه هيكل بإرادته وبقلمه وهو بكامل وعيه.. غير مجبر ودون ضغط.. ليعود الرجل نفسه وبإرادته أيضا ليقرر أنه التقى مصادفة وهو يسير في الشارع يوم 18 يوليو عام 52 بجمال عبدالناصر ورفيقه عبدالحكيم عامر.. وهو – أي هيكل – الذي أوحى لهما بالانقلاب (الثورة) وذلك حين طمأنهما إلى أن الإنجليز لن يتدخلوا إذا ما تحرك الجيش ضد الملك!
لك يا عزيزي الناصري الذي «نصّرك» هيكل.. أن تصدق بأن انقلابا يتم في أكبر وأعرق بلد عربي.. يتم الاتفاق عليه أو الإيحاء به في الشارع ومصادفة وقبل وقوعه بخمسة أيام فقط لا غير!
وماذا لو لم تحدث هذه المصادفة.. ولم ير عبدالناصر وعبدالحكيم عامر في ذلك اليوم.. السيد هيكل ملهم الثوار..وكاتب السلطان – فيما بعد؟
هل كانت ستقوم تلك «الثورة» أو ذلك الانقلاب الذي غيّر وجه التاريخ – لا في مصر وحدها – بل في الشرق الأوسط بأجمعه وغيّر في مواقع الدول العظمى وعلاقاتها بالمنطقة؟!
ثم ما الذي عرّف هيكل بأن الإنجليز لن يتدخلوا لحماية النظام الملكي المصري ولهم ثمانون ألف عسكري على الأراضي المصرية؟
***
طبعا هذه الخرافة لا تنطلي على أحد..ذي فطنة أو عديمها.. ولكنها تنطلي على عشاق جمال عبدالناصر والمتمسحين بعرقه..
ولكن الحقيقة التي لم يقر بها هيكل مباشرة وبإرادته.. والتي اضطر – مجبرا – وتحت سياط «كشك».. إلى الاعتراف الخجول بنزر يسير منها ومن تفاصيلها.. هذه الحقيقة أو مجموعة الحقائق تقول إن الأميركان بل فرع المخابرات المركزية الأميركية هو الذي كان وراء الانقلاب وهو الذي صنع عبدالناصر في مصانعه وهو الذي سوّاه ثوريا وألبسه درع الثورية.. وكان الوسيط أو بالأحرى الوسيطان هما هيكل نفسه وأستاذه مصطفى أمين الذي اتهمه عبدالناصر فيما بعد بالعمالة للأميركان وسجنه.. إلى أن أطلقه السادات بعد تسلمه الحكم..
وما أنجح الانقلاب وكفّ أيدي الجيش الإنجليزي عن التدخل لإحباطه هو التدخل الأميركي وتهديد الأميركيين للإنجليز!
ولنسمع رواية مصطفى أمين نفسه في رسالته لعبدالناصر ماذا يقول عن تلك الليلة – ليلة الثورة: «.. وعندما قامت الثورة أبلغني «ليكلاند» أحد رجال المخابرات الأميركية – أن السفير البريطاني في واشنطن أيقظ وزير الخارجية الأميركي ليبلغه أن ثورة شيوعية قد قامت في مصر وأن بريطانيا قررت التدخل العسكري وأن الجيش البريطاني قد تحرك من «فايد» لقمعها.. فطلب الوزير مهلة للتشاور فأرسل برقية إلى السفير الأميركي في القاهرة.. وتلقى الرد فورا وكان كاتب الرد هو «ليكلاند» نفسه..وعلى إثر هذا الرد..أبدت أميركا اعتراضها على التدخل العسكري البريطاني»!
هذا ما يقوله مصطفى أمين لعبدالناصر مباشرة وليس من وراء ظهره..فهل من متبجح بعد ذلك يستطيع أن يتبجح بطهارة عبدالناصر أو طهارة ثورته؟!
وهذا التدخل الأميركي.. هو الخلطة السرية التي أعطت الثورة نكهة النجاح!
***
والغريب أن رسالة الاستعطاف التي بعث بها مصطفى أمين وهو في سجنه إلى عبدالناصر تكشف كل الاتصالات التي كانت تجري مع الأميركان بتكليف من عبدالناصر نفسه والتي كان «أمين» فيها مبعوثا من عبدالناصر وممثلا له! وكأن مصطفى أمين يقول لعبدالناصر «ما حنا دافنينوا سوا يا ريّس»..
فما الذي حدث وجرى وقلب الحال وجعل من زميل الأمس خائنا وجاسوسا وعميلا؟!
فتّش عن هيكل!
***
هذه فرعية صغيرة في قصة منسوجة من قضايا مصيرية حاكت عباءة تدثرت بها هذه الأمة أقصد أمة العرب.. ولكن لا بأس من إيراد بعض مما قاله مصطفى أمين لسجّان اليوم..وزميل الأمس: «وفي سنة 1956 قدمني هيكل إلى وليام دورات ميلر أحد ضباط المخابرات الأميركية وكنت أطلع سيادتكم يوميا على هذه الاتصالات»!
إذن عبد الناصر على معرفة بصلة هيكل ومصطفى أمين بالمخابرات الأميركية!
وفي فقرة أخرى من الرسالة المطوّلة يتحدّث مصطفى أمين عن إيفاد عبدالناصر له إلى أميركا لنشر صور العدوان الثلاثي للتأثير على الرأي العام الأميركي واجتماعه بمدير المخابرات المركزية الأميركية! ثم تقديمه تقريرا عن الزيارة ونشاطاته في أميركا إلى عبدالناصر!
***
ما تضمنه كتاب «كشك» من وثائق وحقائق تؤكد ابتداء صلة الأميركان برجال الثورة بدءا من مارس 1952 أي قبل الثورة بأربعة شهور.. ومن أكّد هذه المعلومة هو خالد محيي الدين أحد رجال هذه الثورة وواحد من الضباط «الأحرار».. وهو يقول في هذا الصدد..إننا كنا كتنظيم سري نصدر منشوراتنا السرية متضمنة الهجوم على الاستعمار الأنجلوأميركي».. ثم خلت بعد ذلك منشوراتنا من لفظ الأميركي واكتفينا بمهاجمة بريطانيا والشيوعية!
***
وليعلم ممن في قلوبهم شك.. أن الأميركيين أو بالأصح رجال المخابرات المركزية الأميركية كانوا يتدخلون حتى في التشكيلات الوزارية لحكومات الثورة.. يستبعدون من يستبعدون ويوزرون من يوزّرون!
وأيضا رجال المخابرات الأميركية كانوا بمنزلة مستشارين لرجال الثورة ـ هذا مع العطف وتخفيف الصفة ـ إن لم نقل ـ وهو الأصح ـ مهندسوها وكاتبو أوراقها ومرتبو مقاعدها!
***
وفي شعر الثورة الناصرية أبيات كثيرة.. فلأزدكم منها بواحد أو أكثر..
المخابرات الأميركية هي التي كانت تدير العملية الدعائية الناصرية من صحافة وإذاعة.. وهي التي أنشأت إذاعة صوت العرب أشهر الإذاعات في زمان الخمسينات ولسان عبدالناصر الذي كان يطرق الآذان العربية كلها ويهز الوجدان العربي والتي خلقت شعبية عبد الناصر في الدول العربية وجعلته زعيما للأمة العربية.. والفكر العربي الآن هو ضحية تلك الإذاعة وما كانت تقوم عليه من خطاب غوغائي هو الذي يتسيد الساحة العربية منذ ذلك الوقت وحتى الآن.. وما قناة الجزيرة عنا ببعيدة.. بل هي النسخة العصرية لصوت العرب!
وهذا بيت آخر من شعر الثورة الناصرية.. فقد حكم على أحد المدانين المصريين بالإعدام..ولأن الإعدام غير مستحب عند الأميركان.. فقد شاور محمد نجيب رئيس الجمهورية الثورية الناصرية السفير الأميركي واستأنس برأيه.. إن كان ينفذ الإعدام في المحكوم أم يخفف الحكم إلى السجن المؤبد؟!
وبيت ثالث من «معلقة» الثورة يقول إن الرئيس الأميركي «أيزنهاور» تدخل شفيعا لدى عبدالناصر رئيس الجمهورية – الذي انقلب على نجيب وأودعه السجن مدى الحياة وجرده وعائلته من حقوقه الإنسانية – وكان تدخل أيزنهاور لدى عبدالناصر لكي يخفف الحكم عن اليهود الذين قاموا بأعمال إرهابية في مصر وحكم عليهم بالإعدام.. ولكن عبدالناصر رفض الشفاعة الأميركية وقال لأيزنهاور لا!
هذه الحادثة قدمت عبدالناصر للشارع العربي على أنه البطل الذي قال لا للرئيس الأميركي وأكسبته شعبية كبيرة عند أمة الغافلين الشامتين.. وصدقوا الرواية كما رسمتها لهم اجهزة الدعاية الناصرية «الأميركية».. بينما الحقيقة التي خجلت أجهزة الدعاية الطبالة عن قولها..هي اعتذار مهذب من السيد الرئيس جمال عبدالناصر للرئيس الأميركي فحواه أن السيد الرئيس عبدالناصر كان قد نفذ قبلها بأسبوع واحد حكم الإعدام بستة من المصريين ومن لم ترقَ جرائمهم إلى فظاعة الجرائم التي ارتكبها أولئك اليهود.. لذلك فهو لا يستطيع الاستجابة لطلب الرئيس الأميركي لأن تلك الاستجابة ستحرج موقفه شعبيا وعربيا.. وكأنه يقول.. يا سيادة الرئيس غالي والطلب رخيص ولكنّ يديّ مازالتا ملطختين بدماء المصريين..فكيف يمكنني قبول شفاعتك والصفح عن اليهود الإرهابيين!
***
وباعتراف هيكل نفسه وهو حامي حمى الناصرية ومؤرخها ومؤرشفها ومنظّرها ومروجها وسمسارها والذي «لحم كتافه من خيرها» «مش من غيرها..فإن لعبدالناصر علاقة مع ضابط استخبارات يهودي اسمه «كوهين» تعود إلى أيام حرب فلسطين عام 1948 وهذه العلاقة كان محمد نجيب أيضا قد أشار إليها في كتابه كنت رئيسا لمصر.. وكوهين هذا هو الذي درب عبدالناصر وتولّى أمره!
وعاشت القومية العربية وعاش زعيمها وبطلها!
و«هيك أمة بدها هيك زعيم»!
***
ومن أشهر القضايا التي جعلت من عبدالناصر زعيما هي حادثة المنشية التي تعرض فيها لـ «محاولة اغتيال».. وهي قضية استخباراتية مفبركة كان القصد من ورائها إقصاء محمد نجيب عن مسند الجمهورية لتخلو الساحة لعبدالناصر وحده.. وكهدف ثانوي للبطش بالإخوان المسلمين الذين اتهموا بتدبير المحاولة.. وقد تحقق الهدفان..
أما ما يؤكد أنها حادثة مفتعلة ومفبركة ـ والرأي لمحمد جلال كشك ـ فهو استحالة حدوث مثل هذه الحادثة الخطيرة دون علم جهاز المخابرات الأميركية المكلف بحماية عبدالناصر والذي كان يتابع نشاطات الإخوان المسلمين حتى في خارج مصر لمصلحة عبدالناصر..وهو الذي أنشأ وأشرف على جهاز المخابرات الناصري!
ولقد نقل عبدالناصر حقده على محمد نجيب إلى عائلته..وتقول زوجة عبدالناصر في كتاب مذكراتها.. إن نجيب عادها في المستشفى لتهنئتها بالسلامة في إحدى ولاداتها وكان – وكما تقتضي الأصول – يحمل معه علبة حلوى كهدية.. تقول وما إن خرج حتى ألقيتها في سلة الزبالة كي لا يأكل منها أولادي خوفا من أن تكون مسممة!
***
ولتأكيد هيمنة المخابرات المركزية الأميركية على عبدالناصر.. أن وزيرا بريطانيا زار مصر وطلب مقابلة عبد الناصر ولكن لم تتم الاستجابة إلى طلبه حتى وسّط السفارة الأميركية..فقام أحد رجالها ومن جهاز المخابرات المركزية الأميركية بطلب اللقاء فتمت الاستجابة على الفور..
وأرى أن أختتم هذه المطوّلة المدوّية بالعودة إلى تزويرات سمسار الناصرية وطبالها محمد حسنين هيكل.. وهذه الطرفة..
يقول هيكل: «إن ضابطا مصريا شابا هو البكباشي جمال عبدالناصر لاحظ أنه كان غريبا أن يكون الإنجليز على قاعدة قناة السويس هم الذين يفتحون الطريق لنا ونحن نتقدم عبر سيناء إلى فلسطين، ولقد أثار دهشتي أننا كنا نتقدم لنحتل مواقع الفرقة الثانية البريطانية حول غزة في الوقت نفسه الذي كانت فيه هذه الفرقة تخلي مواقعها عائدة إلى مصر»!
هذه الفقرة بالكامل وحسب ما يقول محمد جلال كشك منقولة بحذافيرها من كتاب مذكرات محمد نجيب.. أي من كان مستغربا وأبدى استغرابه كان محمد نجيب ولم يكن عبدالناصر! ولكن ولضرورات تسويقية نسبها السمسار إلى بضاعته الكاسدة التي يحاول ترويجها.. مستغلا الأساليب الدعائية لترويج البضائع التجارية والتي يغلب فيها الكذب الصدق!
***

الأماني الميتة
فيا أيها السادة العروبيّون والناصريّون هذا هو زعيمكم وبطلكم وقائدكم ومن تحملون صوره حتى اليوم وتتأسفون عليه مازلتم وتنطحن أكبادكم كلما مر طيفه في خيالكم أو تذكرتم أيامه الخوالي!
هذا الذي صاغ أفكاركم وألبسكم عباءة قوميتكم التي مازلتم تتعثرون بها في مسيركم نحو الحياة وفي دروبها!
وليت هذا فقط..بل إن هذا أبسر الأيسر وأقل القليل من تاريخ صاحبكم وبطلكم وقائدكم الملهم عدو الاستعمار ومحطم أغلال العبودية ورافع الرأس العربي!
وكل ما ورد في هذه المطولة ليس من عندياتي ولا من اجتهاداتي أنا بل هي لكاتبها «محمد جلال كشك» والذي يحفل كتابه الضخم «ثورة يوليو الأميركية» بالكثير من الوثائق والحقائق والاستنتاجات والمعلومات التي تؤكد بما لا يقبل الدحض ولا التفنيد علاقة عبدالناصر بالمخابرات المركزية الأميركية وصناعتها لـ «ثورته» التي يتباهى بها القوميون والناصريون!
وكم أتمنى وأدرك قبل التمني أن ما أتمناه سيذهب هباء.. أن يراجع المؤمنون بعبدالناصر وثوريته مواقفهم ويصححوها.. لا من أجل التحول إلى كراهية عبدالناصر فالرجل قد مات وانتهى.. ولكن من أجل ذواتهم هم ومن أجل تنظيف عقولهم وعدم الانجرار وراء من يلمع ويهدر بالخطاب وينمق الكلمات ويتزعم..ففي الخفاء شيء آخر لا ترونه ولو رأيتموه لن تسركم رؤيته!
وأقول لأهلي وأبناء جلدتي وأرومتي.. لا تؤلهوا الأفراد.. ولا تنحنوا حتى بعواطفكم لفرد مهما كان بريقه ولمعانه.. ولا تغركم المظاهر.. وبالذات في عالم السياسة والتي تظهر لكم ما يسركم.. وفي باطنها تحمل لكم كل ما يضركم!